
قررت أن أكتب ولو جملة شعرية..وإن استطعت لذلك سبيلا..!
قررت بأن أكتب ..ولو جملة شعرية واحدة في عز حر هذا الصيف
وقبل أن تغادر جملتي عين المكان
وتخرج للحر المفرط بشوارع غمرتها سحب الرمضاء
فمن الواجب عليها بأن تتعرى
و ترتدي لباسها الشفاف
ويظهر جسدها العاري المتعرق..
وٱنطلقت بعد أمة؛ أفكر في أول السطر
بماذا سنبدأ..؟؟وقلت حينذاك مع نفسي :
لعل هناك من القصائد ما تهاب الحر والصهد
وكل قصيدة فيها ٱبداع
يكتبها أصاحبها على رمال ذهبية
ومع هبات نسيم عليل بشاطئ البحر
أو أثناء غروب يوم جميل
بالقرب من تلاطم الموج والصخر
أو أمام أسراب طيور البحر (عوا)
وأما أنا ؛
فلم أستطع كتابة أي جملة شعرية تقرأ..
ولم أستطع ٱتمام كتابة أول السطر
ورغم هزيمتي الشعرية المذلة
ٱنتصرت..
وكتبت ما كتبت بدهشة وقلق وتعجب
فكيف للشعر بأن ينطلق من أعماق القلب..!؟!
ويسمع صوته عند من يفكرون في الزرع و الضرع
ويحلبون بالليل والنهار
ولا يعطون للبقرة حقها البيولوجي من العلف
ولا يغرسون في كل يوم شجرة
وهم جبلوا بأن يجنون فاكهة الليل
وغدوا على حردهم قادرين
في خفية وسط الظلام متسللين
وحتى لا يدخل عليهم فقير أومسكين
ويفسد عليهم ليلة العمر الجميل
وكم ألفت العيون المنكسرة ..
ما يكسو حمرة هذه الأرض
من البؤس ومن الصمت المريب
وطمس روح الحقيقة بكل تشكيل من العناوين البراقة
أليس لها الحق في بعض شبه الخضرة والعشب ..؟!؟!
ولعل البقرة الصفراء الفاقع لونها لم تعد كما كانت
ولم تعد تسر الناظرين
أنهكوها
وأنهكوا ضرعها مع الزمان
لكثرة الحلب من سطل إلى سطلين
إلى مئات و مئات ولم نحسبهم بعد ذلك عددا
وأنا وسط ضجيج وفوضى عالم السياسة والسياسيين والنقابيين والإعلاميين
أستأنس بقرطاسي وقلمي كي أكسر رتابة العيش
ولهيب الجدران وبشاعة المنظر
وأجواء حر في الخارج تذكرني بيوم الحشر
وودت أن أعبر الأفق الغامض
ولم أجد بدا من سعادة سريالية بمدينة العجاج والغبار
وروث البهائم و غياب الأشجار الظليلة والأزهار
وحدائق ذات بهجة وما يسر الناظرين
ووجدت أن حر الرمضاء تفاقم عن حده و يزداد والكهلة مثلي متعبون
وبالكاد يتنفسون وللرصيف يعبرون
وقلت بأن للفلاسفة هوامش حينما يكتبون نصوصهم عن مفارقات لا تهضم
كيف لمن يدبر شؤوننا بالأمس واليوم لا لخضرة هو في باله يوما سيهتم..؟!؟!
وللقحط والإصفرار والرمل والتراب والإسمنت يتسابق ولجميع الابواب يطرق
ولا منتجعات برمجت في مشاريع ومخططات تذكر
إلا أبونا وجدنا الإسمنت الذي سوف يورثنا الصمت والسكون شرعا
بوجهه السريالي البشع.. وعبثا يطل علينا في عز الحر
ومدينة قتلت وغيبت فيها كل زينة تذكر..
مدينة مسلوبة الإرادة ويحكمها زمان الخذلان والتقهقر المستمر
لكل ذلك عجزت أن أتمم كتابة السطر في عز حر لهيب وقيظ لا يرحم
فأين الهروب وأين المفر..كلا لا وزر إلى ربك يوميذ المستقر..؟!؟
للقيمة الفنية والأدبية والتعبير اللغوي المتناسق والمركز نضيف إن شاء الله تدوينة الشاعر والناقد الاخ علال للمنشور أعلاه

قلم مميز يبصم بصمته الإبداعية والبلاغية بعمق المعنى بحيث غالباً ما تكون كلماته لها أبعاد دقيقة واستراتيجية مركزة ومضبوطة ، لا يضيع مداد قلمه هكذا بل يختار المناسبات الملائمة للكتابة سواء الشعرية أو الفكرية ،كما لا يعلق بتعاليق عشوائية بقدر ما يضع النقط على الحروف ،لهذا كل كتاباته تكاد تكون مستوحاة من واقع الحياه أكثر … سي عبد الرحيم هريوي رجل يستحق التتبع لأنه يتعايش مع طبيعة تركيبة الكتابة ، كما أنه بكتاباته يطفىء شرارة حرارة الأحداث بأسلوب سلس يتماشى مع وظيفة النصوص أو المقالات التي يشتغل عليها لكونه قلم يعرف حق المعرفة كيف يعالج المواضع بحكمة راقية وممتعة … أتمنى له التوفيق والنجاح الدائم والمستمر والصمود والعطاء اللامتناهي .

Share this content: