

كل كاتب يقول قبل دخوله في مغامرة كتابة نص شعري أو قصصي أو روائي يوهم نفسه بأنه سيكون نصه المثالي والمفضل ،لذلك يعطيه أكبر مساحة زمنية في التفكير والتأمل والإبداع لحظات الإنجاز، وأثناء إعادة صياغته؛وحذف ما يمكن حذفه. وفي الأخير قد يشارك من يراهم أصدقاؤه في الجبهة الأدبية الأمامية، ومن هم معه في الخندق، كي يبدون آراءهم بدون انحياز أو مجاملة لشخصه. ولنا في صداقة الأديبين محمد الأشعري وعبد الكريم الجويطي الذي نال نصه “المغاربة “شرف التميز واستطاع الصمود في وجه الزمن ،وما زال يقرأ بكثرة حتى أمسى يضاهي النص المشهور الخبز الحافي لمحمد شكري..وبعد أن اطلع محمد الأشعري عن نص المغاربة قبل دخوله جلسة المصادقة والدفع به للطبع ،طلب من صديقه عبد الكريم الجويطي حذف صفحات كثيرة قد لا تفيد النص لأنها تتكلم عن فترة تاريخية بالديار المصرية ..
الكاتب و”ة” لا يحسم في المنزلة والمكانة التي سيحتلها نصه في عالم التناص.. وعن أية علامة سينالها حينما يخرج للوجود.. وما سيكتب عنه من طرف النقاد والقراء ..وإلى أي حد سيجد له مكانة متميزة في عالم الأدب المحلي والوطني والعالمي، إن هو تمت ترجمته للغات أجنبية ..لكل ذلك نجد بأن من الأدباء من كتب له بيت شعر واحد ثم مات على حد تعبير نزار قباني ..وهناك من كان له نصه مثالي بل لربما نصوصه بعد رحيله. وهناك من قتله نصه وهو حي وتوقف به حمار الشيخ في عقبة الأدب ولم يستطع التخلص من نصه الأول، الذي لم يقدر على نفضه إذ ظل ملتصقا بكيانه بل يعيش معه كظله.
لكل ما سبق ؛قال لهاوهي تبحث لها عن النص المثالي بالعالم الرقمي،وهو يجزم بأن النص المثالي موجود بالفعل في خيالنا. فلا تبحثين عنه لوحدك ،فنحن أيضا كذلك ما فتئنا نبحث عنه في النصوص المؤسسة للفكر الإنساني عبر ما يتم ترويجه عبر تاريخ الفكر الإنساني..
النص المثالي لم نقدر على رسم كلماته بعد..نعم لربما قد يتواجد في مكان من الأمكنة في دواخلنا،كما قال صاحب النص الرائع ” سمراويت” الإريتري حجي جابر، لكن يحتاج لشيء ما يحدث كي يعبر عن نفسه،ويعلن عن حضوره الشقي،لربما قد يظهر في ملامسة ما عبر أحداث ما في الواقع المعاش؛ كي يعبر بحرية على نفسه. فذاك ديدن في نصوص الفلسفة لدى هيݣل في نظره«الفلسفة لا تظهر إلا عندما يظهر عدم الارتياح للحياة العامة في المجتمع. وبذلك تنشأ فلسفة عند شعب من شعوب العالم. فمن الضروري أن يكون قد حدث تصدع في عالم الواقع..»

Share this content: