
كان يطوف بالشوارع المتناومة مذهولا ، من تبدل أحواله . حال من ذهب، وحال من خشب.
كان يسرع في الخطوات، كمن يحمل على كتفيه عبئ الأيام التي مضت والتي ستأتي بغير حساب .
بدت له فكرة أن يسرع في الخطوات مسلية جدا .
و سرعان ما بدأ يقلد خطوات بعض المارة. الذين كانوا يمرون من أمامه. كان بمزاج هادئ. وهو يشعر بنوع من التسلي الجارف . وهو يجرب هذا الانخطاف.. الأجدب..
لاحظ بعينيه الغارقتين في المدى البعيد .كيف تغيرت ملامح الحواضر. إذ تحولت إلى ما يشبه علب كرتونية متراصة هنا وهناك . بلا حركة و لا أنفاس..
هذا الإحساس كان يحدث بداخله جزرا. حد الاشمئزاز..الحانق المبغض.وهو يستعرض في ذهنه بعض صور الماضي . يخفي ذقنه الكث ابتسامة ،ارتسمت على شفتيه المسودتين من تعاطي تبغ رخيص . ابتسامة حنقة ، على ما أصاب الحياة من كدمات..من تقلبات. على سلم ريشتر، في الاهتزازات ..
كان هو الصاحي الوحيد .. الذي تنتابه حمى هذا الطواف .. فيمشي كحارس الليل في الشوارع الضنينة بظلها على الحياة ….
زهرة احمد بولحية..
Share this content:






