

زهرة الأقحوان
ليلى!!.. بنت الجيران.. الصبيّة البهيّة.. الشرسة المشاكسة.. تُرى هل تكنُّ لي من مشاعر الحبّ ما لها أكنُّ؟.. أناملُ الصباَ تعبث ببتلات زهرة الأقحوان.. تبحث عن الجواب في ثنايا القدر: تحبني.. لا تحبني.. تحبني.. لا تحبني… وأخيرا تحبني.. تعلنها آخر بتلة من بتلات زهرة الأقحوان.. ليلى تحبني؟!!.. ليلاه!.. ليلتي!.. ليلتي تلك بتُّ تراودني أحلام وردية لذيذة… كان ذلك زمن المراهقة.. حين كان الحبُّ وعداً تقطعه الأزهار، ويصدّقه القلب العاشق الولهان.. قلب كالفراشة تبحث عن الدفء، ولا تخشى الإحتراق..
أترك الكتاب جانبا، وأمدُّ بصري في الأفق البعيد.. أتطلّع إلى الغيب.. ترى ماذا يخبئ القدر في ثناياه، وامتحانات البكالوريا على الأبواب؟.. أقطف زهرة الأقحوان وأشرع أرمي بتلاتها الواحدة تلو الأخرى بقلق الحالمين، وكأنّها وريقات المصير نفسه: أنجح.. لن أنجح.. أنجح.. لن أنجح.. أنجح… وأخيرا لن أنجح.. لن أنجح؟!.. أنتفض كالملدوغ.. يا له من فأل أسود!.. أدوس على ما تبقى من الزهرة بقدمي، رافضا أن يكون قدري مجرّد صدفة في قبضة زهرة أقحوان.. أضمُّ كتابي إلى صدري.. سندي، وخير رفيق.. هو وحده من يصوغ مصيري.. الأمل يضطرم بين ضلوعي.. متحدّياً قدري، أهمس لنفسي: مصيري ليس مرتبطاً بما تمليه عليَّ زهرة أقحوان…. حدث ذلك في مستهلّ شبابي.. حينها كنت أومن أن الإرادة الصلدة وحدها من تكتب المصائر، لا أزهار الأقحوان…
الآن.. حقل الأقحوان يمتدُّ أمامي أصفر كبحيرة من ذهب.. أقطفُ حفنةً من الأزهار.. هذه المرة ليس لأسألها عن النجاح.. ولا عن الحب والغرام.. ولكن لأنسج منها تاجاً أرصّع به جبين حفيدتي الصغيرة..
نورالدين بنصالح زرفاوي
Share this content: