
لكل مولع بالقراءة والكتابة الدائمتين للنصوص الأدبية والشعرية لابد أن في جعبته الكثير كي يعطيه في قراءاته للنصوص ،والتي تتعاطي مع علوم إنسانية ومعارف متنوعة ومجالات حيوية وتيارات فكرية كثيرة كي تكسب قوتها وتماسكها ونبضها القوي وتميزها في مجال التناص..
لكل مولوع بالنصوص ،ولكل عاشق لها قراءة كانت أم كتابة ،لأن كلاهما واحد .فلا كتابة تجدي بدون قراءة ولا قراءة تعطي زبدتها في غياب الكتابة .وكل ما نقرؤه هو ثقافة لذاكرة نجمعها ..وكل كتاب نقرؤه فأفكاره ومعلوماته لا تذهب بعيدا عن وجداننا وذواتنا .ونحن لا ندري أين تختفي، لكن حينما نبدأ في الشروع في كتابة نص من النصوص، نستدعي حضورها من أجل إتمام طبقنا الأدبي أو الشعري بتوابل متكاملة ..والقارئ الجيد ،هو كاتب جيد إذن ،وهو يقظ وذكي، سواء حينما يقرأ للآخرين أو حينما يحرر نصوصه بقلمه الثمين ،ولا ننسى بأن الجاحظ نفسه قد وصف القارئ بالعدو ،لذلك لابد أن نتسابق مع هذا القارئ على الدوام ،ونحرص أشد الحرص حتى لا يسبقنا بمسافات زمنية ،وبعدها نكون كالتي نقضت غزلها ..فالقارئ الجيد يبحث له عن أشياء تدهشه فيما يكتب له ،وعن نصوص لها روحها الثاني، و تخاطب فيه ذاته وإنسانيته وواقعه وفكره ووجدانه ..فكم من الكتاب من يقول بأن المغاربة لا يقرؤون، وهذا غير صحيح؛ لأن سؤالنا له:
– فهل نحن نعيش بالفعل أزمة قراء وقراءة أم أزمة مقروء أم غربة نص عينه..؟ كما سماها الشاعر محمد بنمحمود. هو يرخي السمع للكلمات و للجمل والعبارات وللمشهد و الجملة السردية والفصل ويناقش عبر خياله الحبكة والصور والفضاءات والاسترجاع وباقي التقنيات المقبولة في كتابة نصوص نوعية تنال شرف القراءة في زمن التهافت عبر السوشيال ميديا..وبذكاء قارئ جيد؛ فهو يعطيها حيوات جديدة أيضا.ويكتشف لنا ظلالها الثقافية والأدبية الخفية. وصدق عبد الفتاح كيليطو؛ فالقارئ الجيد ينصت للنصوص عن قرب وعن بعد. وهو يتوفر على الآليات والوسائل والأدوات الضرورية في القراءة الوجدانية من جهة، والقراءة الأدبية الفنية من جهة ثانية. وصدق باخثين فليس هناك نص بكر بل كل نص فهو امتداد لنص قبله.وأي قراءة قد تختلف من نص إلى آخر في جوانبها التحليلية والرؤى الباطنية التي في جوف أعماقه من حيث البناء الدرامي والجمالي ،والأسلوب اللغوي والتناسق وديمومة الزمان والمكان والأحداث والوقائع..
Share this content: