
نحن جيل لم يعرف البكاء قط..!!
ها أنا أحلم بعيون إلى سطح السماء
وكأني أحمل روحي
وهي تسبح في الفضاء
في سماء أرض طفولتي وموطن الأجداد
هناك ببلدتي بالمفاسيس المحيطة بجبال من بقايا الفوسفاط والخراب
وجل من أعرفهم إما ماتوا وإما هجروا ببلاغ وإجلاء
كل شيء فوق تلك الأرض يوحي لك بزمان الترقب واللامبالاة وعالم الخواء
وها أنا أتواجد خلسة بروحي هناك كي أعيد شريط البقاء
وأنا أعود بروحي لذاك الطفل الصغير
الذي يجري حافي القدمين
أطارد النهار طيلة النهار
ولا أعرف من الوجوه إلا وجه النهار
ولا أعرف أي شيء عن الزمان
عن الخصومة والعداوة للأهل والجيران
كل هذا الفضاء الشاسع اللامتناهي هو لي وحدي
هو مسرح آتيه فيه بين نبات الصبار وأكوام من الأغوار
لا شيء يمنعني من الجري حافي القدمين
لا الأحجار ولا الحصى و لاهي أشواك تؤلم قدمي
كلما سأل الدم يجري أسرعت للكشينة وحينذاك وجدت خلاصي في التحميرة
نحن شعب لا يعرف المرض ولا الدواء ولا الغطاء ولا الدفء على أرض باردة ملساء
لا نمرض يوما نحن جيل يعرف كيف يقاوم الداء بمناعة شربناها من التراب والماء
نحن جيل لا يعرف البكاء
نحن جيل لا يعرف كثرة اللحم إلا في الأعياد
نحن جيل عشنا تحت السياط
في البيت نهاب الظلام والخلاء
في الحياة لا نعيش إلا الخوف والاضطهاد
وكيف صرنا لما كبرنا وسط كل هذا الركام

Share this content: