
يقول الشاعر من عصر الجاهلية :
ارجع إلى سكن تعيش به// ذهب الزمان وأنا منفرد
وكنا نردد وراء حسن الخريبكي ونحن يافعين ” وخريبكة ما نخطاك حتى نموت حداك” ولم نعرف مدلول تلكم الكلمات من صيحات وأوجاع العيطة المرساوية، وهي العيطة الوحيدة التي استطاعت أن تنتشر خارج حدود نشأتها وتوطنت بوادي زم وانتقلت لكل الأقاليم المجاورة، وبسحرها في نفوسنا و بأسرارها اللغوية ودلالاتها الأنثروبولوجية إلا بعدما اكتسبنا ثقافة حب المكان وارتباطنا بجغرافية وتربة الأرض الندية.لذلك فهمنا اليوم؛ بحق، معنى قولة الشاعر والأديب الأرجنتيني روبيرتو آلتر الذي انتحر ستة 1940″ فمن لم تلهمه الحارة التي عاش فيها فلن يلهمه أي مكان آخر في العالم ،ولو كان بوينس أيريس أو لندن أو باريس”
ها هنا بمدينة الغبار كما ظل يسميها الراحل القاص إدريس الخوري ..وها هنا حيث نعيش لذة الحياة رغم كل الإكراهات ، وما تفعله السياسة في حياة عامة الأمة وبسطائها، الذين عادة ما يعتبرون هؤلاء سوى أصواتا انتخابية -أي كومبارس- في لقطات فلكلورية لمسلسل أو فيلم درامي يطول زمانه أكثر من ست سنوات،وهو من إخراج ساسة يتحالفون على المنصات في سباق محموم بينهم- بباطل مستساغ – أي من سيسجل من بينهم أكبر نسبة من القول الكاذب والالتواءات والوعود المرتبطة بسقوط الأمطار من عدمه…!! وجلهم يدخلونها من أجل المساهمة في مجالات التنمية المحلية وتقوية وتشجيع لاستثمارات نافعة تحد من العطالة .. والرفع من نسبة المنشآت والمعنويات والقضاء على كل ما يحول بين الإنسان ورفاهيته في الحصول على سعادة ما برح يطلبها من هذه الحياة.. وسند ومرجع من المضحكات المبكيات،ولكن رغم اختلافنا مع من يريد حرث الدنيا، والله لا يزد له في حرثه بل يوتيه منها، وقد لا يكون له نصيب في الخالدة …وما كان له منها بحق رب السموات والأرض، وما حصل عليه من ثراء وقد دخلها لا يملك إلا رقم تأجير وحوالة شهرية مع بعض المستحقات عبر هكذا تعويضات كلما ارتقى في سلم أو درجة من الدرجات عبر عقود من الانتظارات ..
هنا خريبكة .. ها هنا حيث نتنفس هواء الأرض رغم الغبار والعجاج ..الأرض التي تحمل كل الذكريات الجميلة..وكلما مررت من شارع من شوارعها أعادت لي ذاكرة المدينة وجها من الوجوه التي كان لنا معها هكذا حكاية من أظرف الحكايات…وما أجمل أن ترى مدينتك تلبس لباس الأبهة والجمال الذي كان يختزل في أسياد وحاشية الأندلس “الفردوس المفقود “. وهي تعرف انتعاشة في شتى مجالات الحياة،وتجد فيها شوارع وأزقة بوجهها الصبوح بدون حفر ولا مطبات.وفي المستوى الراقي لأكبر المدن بالأمبراطورية عكس ما هو عندنا وما نراه يوميا ونعيشه ونتابع أمره بحسرة وحكرة من زلازل أصابت شوارعها الرئيسية، وتركتها لحالها المتهرئ وبدون هكذا إصلاحات لأن” البيدجي Le budget “جد ضعيف عندنا في مدينة تزن أرضها ذهبا وتحوم في سمائها الفراشات الفضية الزرقاء..ولامن ينصر مدينة مظلومة بثرائها في زمن أكبر المشاريع الوطنية و المنجزات ،ولا من يعطيها حقها مقابل التضحيات منذ الستينيات.. ولسان حال تقول ساكنتها يقول :”حسبنا ما نعده من مساحات زمنية نطويها سياسية واسمنتية وعقارات وتقلبات، فلا شيء ها هنا منتظر من ساستنا إلا المزيد من التراجعات حتى تطوي كل السجلات .

Share this content: