

[ورقة تنويرية حول نص الشاعرة رشيدة الغرباوي نصف قمر ].
يقول د عصام شرتح : ( الشعر مغامرة لغوية ، تلاعب باللغة وأنساقها بالمتباعدات والمختلفات حينا ، والمتمثلات أو المتحايثات حينا آخر ، بتوازن نسقي متآلف في أتون نسق شعري يملك جسارته الإبداعية ومحفزاته النسقية التي تزيد ألق النسق وخصوبته الجمالية ) من كتاب مفاتيح الشعرية في قصائد حميد سعيد ص : 61-62 . من هنا نقول على أن اللغة لديها إحساس ووعي مقصود ، هي التي تؤجج الجمال بقدرة لغوية تصويرية جموح . والنص الشعري المعروض للشاعرة رشيدة الغرباوي نصف قمر يكتنز دلالات مذهلة، ويرسم منحى نفسي بليغ ، لكونه يحرك لواعج الذات بشكل كبير،إذ يعتبر مرآة للذات الشاعرة ، يعكس جمال روحها الإبداعي ويكشف رؤاها وما تعتريه أحلامها من هواجس ، فالمتتبع لترنيمة الكلمات من البداية إلى النهاية قد يقف أمام لوحة مذهلة من حيث الصور الشعرية التي رسمتها بنسق مشحون بأشجان وألوان المكابدة، فغالبا ما يكون الحرف حسب الشعراء والنقاد رسول الوجع الذي يسكن دواخل الإنسان .نص يعكس الروح الشفيفة التي تتدفق من الأوجاع وتجع بالآهات ولو بشكل نسبي . يجب قراءة ما وراء الكلمات وأبعاد المعاني لها ، وليس قرائتها قراءة ظاهرية،بل يجب التعمق في المضمون الذي لف القصيدة بأحلام تعانق صورالنص برقة الأحاسيس،إنها تلخص أفكارا تنبع من عاطفة صادقة المشاعر تناغي سكينة الذات..بحق إنها تجربة جميلة في الكتابة النسايية سواء من حيث الأسلوب المتناول عند عشاق الحرف أو في المشهد الثقافي الأدبي الطبيعي . إن للشاعرة قلم ناعم سامق ضليع بعيد عن التكلف ، يخلق اللذة الجمالية .. وخلاصة القول أن الشاعرة أكدت للجميع أن الشعر هو تصوير ناطق غالبا ما يعكس أغوار الذات ، ومن هنا أحييها على هذه الكتابة المنمقة في صناعة قصيدة تتماشى مع طبيعة أحاسيسها ومشاعرها بما يشفي غليلها الإبداعي ،لأنها استطاعت أن ترسم كلمات تنبع من القلب وتصافح القلب . لقد تم توظيف القمر عند الشعراء في عدة مجالات منها الوشم والأنوثة والخصوبة والرومانسية ، فالليل ، والغموض،والخيال والحلم كلهامواضع مرتبطة بالأدب الرومانسي ، كما لاننسى أن القمر يرمز الإثارة والحب الإندماجي ويمكن القول على أن القمر يرمز إلى السكينة والحب ، لهذا نقرأ أن الأقدمون كانوا يقدسونه ويعبدونه ويفتتنون بوجوده . قصيدة مقسمة إلى نصين ، كل واحد يحمل دلالة بما يخامر كيان الشاعرة رشيدة الغرباوي ، أتمنى لها التوفيق والنجاح الكامل في مسيرتها الشعرية الجميلة . ✓ بقلم الشاعر والناقد : علال الجعدوني بني وليد تاونات
نصف قمر ..
نصف قمر (1)
بنوره الخافت
أضاء لي الطريق
من دروب الحياة
معتما كان
بل كان سجنا
سجينته أنا
نصف قمر
أجراسه أيقضتني
وانتشلتني أمواجه
من الغرق
من وهم عنيد
أخرجني ، من حلم
يابس لا أوراق له ،
لا فجر و لا صبح
ولا ثمار
صحاني هذا القمر
كضي الفجر
من كابوس جامح
من طريق لا مخرج
له لا أبواب ولا نوافذ
نصف قمر (2) ( تابع)
من ليل دامس
وسراب
من السجن والأسر
انتزعني هذا القمر
بل النصف قمر
حيث لم يعد
مطر ولا ندى
يسقي ذاك الود
تاه وهج الأمل
عن الظل
وانسد الطريق
وانتحرت الأشواق
إربا إربا…
وضاعت حتى الذكريات
اندلق عبير الشوق
وتكسرت مرايا الأمل
والأمنيات
اندثر عبق الحنين
وتناثرعقده
وتساقطت حباته
حبة حبة .
✓ بقلم الشاعرة : رشيدة الغرباوي
Share this content: