عبر أدب السجون العالمي؛ نعيش صحبة دوستويفسكي سرده الثري من ذكريات من منزل الأموات (الأحياء)..عبد الرحيم هريوى – خريبكة اليوم – المغرب

  • أدب السجون هو نوع أدبي يصف الأدب المكتوب عندما يكون الكاتب مقيد في مكان ضد إرادته، مثل السجن أو الإقامة الجبرية، ويمكن أن تكون الأدبيات حول السجن، أو عن مرحلة قبله، أو مكتوبة أثناء إقامة الكاتب في السجن وإما أن يكون مذكرات أو قصصي أو محض خيال..”ويكيبيديا 

لكل رواية عالمها الذي تخوض فيه..كما أن لكل كاتب يكتبها بصمته وأثره الذي يتركه عبر فصولها.. ويبقى عنوان الرواية باب مسكنها الكبير الذي عبره نلج فضاء بيتها الذي يحمل جماليته القبلية، وقبل أن ندلف للباحة -البهو الأول- بكل ما يحويه من أثاث فاخر إن وجد “عفش “وتماثيل من رخام وفضة وذهب إن وجدت.. لوحات فنية وتشكيلية لرسامين عالميين كبار إن وجدت.. وهي التي قد يتحدد من خلالها ثقافة صاحب المنزل عينه. و الذي جئنا لزيارته عبر نصه الروائي و فصوله المختارة ،مما فيها من جمالية بلغة الأدب الإنساني ..وبروح الدعابة السحرية للعبارة والجملة وقوة الإبداع، مما يجعل القارئ قد لايتعب؛ ولا يمل، بل لربما يسافر بروحه ويتيه عبر خياله كي يستأنس بكل أحداثها ، ونمطية شخصياتها المختارة وعذوبة لغتها وغرابة حكاياتها..إن هي وجدت كما يصدح الشاعر الفلسطيني محمود درويش..!

فلعل المنزل الذي أردنا أن نبحث عنه؛ وما يحويه من حياة.. وما كان له أن يوجد في نص هذا الكاتب الروسي الغني عن ساحة الأدب العالمي “دوستويفسكي ” وهو يحملنا معه بسلطان من قلمه وعبر خياله الممتع، وذاكرته الواسعة.كي يحكي لنا ما يحكيه بسرد الكبار، عن ساكنة منزل قديم لا تشبه ساكنة الحياة بل ساكنة في منزل الأموات وبين أطوار متباعدة عاشها – الكاتب السجين- لسنين طويلة رفقة ثلة من المجرمين والمتشردين والقتلة الكبار صناع الإجرام بكل ألوانه وأصنافه المرعبة كما وصفها عن أصناف منهم …

ولعل كل قارئ له عقل يفكر به حسب ثقافته وشخصيته وتوجهاته، وما له من قاموس متميز فلسفي في طرحه للأسئلة، ومناقشته للأفكار، وكلما انتهى من قراءته لنص روائي؛ وانتهت الرحلة ،كيفما كانت قد يجد نفسه في وصوله للمحطة الأخيرة، وعبر نوافذ الحافلة،قد رسمت ذاكرته الزمانية والمكانية أكثر من صورة.. وأكثر من مشهد.. وكان لقاؤه مع وجوه وجوه تجاذب معها حديثا عابرا أو امتد اللقاء لساعات طويلة، وظلت الذكرى بكل تجلياتها فترة حميمية مع روح التأمل والتذكر وإعادة لصور ترسخت بدون عناء في أعماق الذات وكله لم يمر هباءا منثورا..

ففي منزل دوستويفسكي بين الأموات -الأحياء – سيصنع للقارئ بقلمه وروحه المعذبة بين الفضاءات والثكنات وبرودة الأسوار ووجوه الإجرام سجلا روائيا ضخما وبشكل من التفصيل عن كيف يعيش هؤلاء الكائنات البشرية ..!

  • كيف يتحملون لسنين طويلة من الاعتقال وثقل السلاسل و الغلائل في أقدامهم..؟
  • كيف ينامون على الخشب، ويتحملون الحشرات، وغذاء الحيوانات، ومتاعب الأشغال الشاقة في المصانع ومعامل الياجور..؟
  • كيف يفكرون..؟ وكيف يتناقشون.. ؟وكيف يحلمون..؟ وكيف يتشاجرون..؟ وكيف يبيعون ويشترون لبعضهم البعض البالي والمتلاشيات والخمور..؟ وكيف يعيشون الموت في غياب زمن الحياة..؟
  • وكيف ألفوا الروائح النتنة في المستشفى الكريه الذين يعالجون فيه..؟
  • رواية؛ إنها ذكريات من منزل الأموات من النصوص العالمية التي يبدعها الأديب دوستويفسكي بذكاء ومكر الخيال ..ولعلها قد تعلمنا كيف يكتب الكبار نصوصهم..؟ وكيف يجعلون من نصوصهم لغة ورموز عن حياة من مجتمعاتهم وتحمل ثقافة شعوبهم..؟

إنه مثال الإنسان الحر.إنه بغير سلاسل تقيد ساقيه،إنه لم يحلق له شعر رأسه،إنه يذهب إلى حيث يشاء  من دون خفير سحريه…!!

  • نعم ..وداعا ..! ..
  • إلى الحرية ،إلى الحياة الجديدة ..!
  • إلى الانبعاث من بين الأموات…!
  • كانت تلك لحظة لا سبيل إلى وصفها ..!
  • غير أن الإنسان يتعلم الصبر في السجن…

Share this content:

  • Related Posts

    في مملكة الرواية المعاصرة؛ فلا بد أن تكون من رعاياها المخلصين كي تنال حظوتك في ما ستدره عليك من خزائنها الملآى بكنوز من اللؤلؤ ..عبد الرحيم هريوى – خريبكة اليوم -المغرب

    أي متعة تلك التي قد نطلبها عندما نسافر بأرواحنا، كليا، عبر نص روائي ثقيل إلى موطن بعيد جدا وبدون جواز سفر ولا تذكرة طيران لطوكيو أو هوكايدو لايمكن لكاتب” روائي” مثلا بأن يذكر بعض الأمور أوالطقوس التي ليست موجودة في ثقافة مجتمعه ،لربما من أجل الإثارة أوأي شيء من هذا القبيل لذلك تسألت عن حرق اليابانيين لموتاهم بعد سبعة أيام من…

    Read more

    √ تلميذة من تاونات تُوقّع أولى رواياتها “جرعة أمل” في المعرض الدولي للكتاب..عن جريدة الأستاذ: profpress.ma

    وسط أروقة المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، خطّت التلميذة فاطمة الزهراء شراط، ابنة جماعة بني وليد بإقليم تاونات، أولى خطواتها في درب الأدب، ووقّعت روايتها الأولى “جرعة أمل” أمام جمهور عاشق للكلمة وملتزم بتشجيع الإبداع الناشئ. فاطمة الزهراء، وهي ما تزال على مقاعد الدراسة، اختارت أن تحوّل أفكارها إلى حروف، وواقعها إلى صفحات، وأن تصوغ الأمل على شكل قصة تنبض…

    Read more

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    You Missed

    “بين غواية الحرف وصرخة الذات “يكتب القارئ المتميز والشاعر المغربي عبد العزيز برعود عن التجربة الشعرية للأديبة المغربية نعيمة معاوية -خريبكة اليوم – المغرب

    “بين غواية الحرف وصرخة الذات “يكتب القارئ المتميز والشاعر المغربي عبد العزيز برعود عن التجربة الشعرية للأديبة المغربية نعيمة معاوية -خريبكة اليوم – المغرب

    لا فرق لنا اليوم بين فريق” الكونغو أوالطوغو أو جزر القمر “فكلهم قد اتفقوا عنوة على إفساد أي عرس كروي ضد منتخبنا وهم  يركنون للدفاع..عبد الرحيم هريوى – خريبكة اليوم – المغرب

    لا فرق لنا اليوم بين فريق” الكونغو أوالطوغو أو جزر القمر “فكلهم قد اتفقوا عنوة على إفساد أي عرس كروي ضد منتخبنا وهم  يركنون للدفاع..عبد الرحيم هريوى – خريبكة اليوم – المغرب

    أين يكمن الوعي لدى القاصة المغربية سلوى ادريسي والي..؟؟ خريبكة اليوم – المغرب

    أين يكمن الوعي لدى القاصة المغربية سلوى ادريسي والي..؟؟ خريبكة اليوم – المغرب

    لا يمكن لأي قارئ أن يمتلك نفسا طويلا في قراءة النصوص الروائية الطويلة والمؤسسة للفكر الإنساني في مجال الأدب..عبد الرحيم هريوى – خريبكة – المغرب

    لا يمكن لأي قارئ أن يمتلك نفسا طويلا في قراءة النصوص الروائية الطويلة والمؤسسة للفكر الإنساني في مجال الأدب..عبد الرحيم هريوى – خريبكة – المغرب

      اليوم ؛ جملة مما دونته على حائطي الفيسبوكي.عبد الرحيم هريوى – خريبكة اليوم – المغرب

      اليوم ؛ جملة مما دونته على حائطي الفيسبوكي.عبد الرحيم هريوى – خريبكة اليوم – المغرب

    جواز سفري لأمصار شتى هو كتاب قرأته..عبد الرحيم هريوى -خريبكة اليوم – المغرب

    جواز سفري لأمصار شتى هو كتاب قرأته..عبد الرحيم هريوى -خريبكة اليوم – المغرب