
العالم يكون قد ضاق ذرعا بلعبة الجزائر السخيفة، وقرر نهاية الأشواط الإضافية بانتصار دبلوماسي ساحق للمملكة المغربية البارحة على أرضية ملعب الأمم المتحدة..وليس ذلك بعزيز،عن ثقافة شعب عريق يعشق التفرد والانتصارات الكبرى ورفع الشعارات التي توحده كأمة عريقة وضاربة في التاريخ..وعن كيف يختار الصحراويون حكم جهتهم وتدبير مواردها لما سيخوله لهم الحكم الذاتي الحقيقي في جهتهم الموسعة .!

بعد مصادقة مجلس الأمن ليلة البارحة بالإجماع عن مصداقية الحكم الذاتي تحت سيادتنا الوطنية، والحمد لله كحل واقعي وملموس يمكن له أن يعطي للساكنة تسيير شؤونها عبر انتخابات ديمقراطية وشفافة في جو من الحريات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .ولعل هذا القرار لم يأت محط صدفة بل هو زبدة عمل دبلوماسي جبار ومستمر وبناء وما جاء من فراغ بعد 50 عام ،ولأن الطبيعة تمقت الفراغ، وفي مواجهة شرسة وجنونية من الإخوة الأعداء في حدودنا الشرقية المقفلة إلا من مرور المياه البحرية والسحب والأمطار والطيور..كل شيء متوقف بأمر من عساكر ورثة المقبور الهواري بومدين منذ سنة 1975 التي قمنا فيها بمسيرة خضراء سلمية لاسترجاع أراضينا الصحراوية وتحريرها من قبضة المستعمر الإسباني حينذاك.وظلت سياسة عسكر الجزائر ثابتة لا تتغير ،وكل من فكر في زحزحة هذا الموضوع قيد أنملة تتم تصفيته، وما الرئيس محمد بوضياف ببعيد. والذي تم قتله وهو فوق كرسيه في إحد الاجتماعات،وحتى الرئيس الشاذلي بن جديد الذي أبدا معنا نوعا من المرونة في تقاربه السياسي وساهم في لقاء مراكش التاريخي، وإبرام إتفاق وحدة المغرب العربي بين الدول الخمس، لم يقدر هو الآخر على الصمود في مواجهة اللوبي العسكري. رغم أنه واحد منهم. وكلهم يعتبرون من تركة المقبور الهواري بومدين.وظل الطمع حاضرا لديهم و مستمرا في تفكيك أوصال جغرافية المملكة، ومتواجد بقوة في مخيالهم الجماعي لعقود خلت.،وسعيهم الحثيث في النيل من وحدة ولحمة الشعب المغربي،وظل كذلك وهم الزعامة الإقليمية يراودهم لا يتزحزح أبدا .وبذلك سخروا العديد من المليارات من عائدات ثروة الشعب الجزائري في معاكسة الجار الغربي،وشراء ذمم الشعوب الفقيرة عبر إفريقيا والعالم، والتنازل عن الديون المستحقة لدى بعضها من أجل مغازلة الابن الغير الشرعي لدى رحم عساكر المرادية ” البوليزاريو” وليس ذلك بغريب، فالجزائر ليس لها أية علاقات جوار سليمة مع كل جيرانها من ليبيا ومالي وتونس ..فما بالك بالعدو الكلاسيكي كما يسمونه ..؟؟

نعم؛ من زرع الريح حصد العاصفة كما يقال.وفي سنة،2025لم تكن رياح العالم تجري لصالح سفن ساكنة المرادية. بل لعلها بطريقة ما قد استشعرت اليوم بعزلة دولية تقترب من تكناتها الملآى بأعتد الأسلحة الروسية والصينية الجد متطورة في سباق تسلح محموم مع المغرب، والتي تجعلها محط اهتمام وتحت مجهر أنظار الغرب بزعامة العم سام،وخاصة بعد التقارب الجزائري الإيراني وحزب الله اللبناني ،وكل ذلك كانت تكلفته جد ثقيلة من ميزانية شعب جزائري يرزخ تحت غياب وجود أساسيات الحياة. وما الحراك الجزائري إلا صورة لمعاناة من حر رماد لم يخبو بعد لإرهاب الدولة ضده في العشرية السوداء خلال تسعينيات القرن الماضي.وبتكلفة لا يعلم أرقامها إلا كبار عساكر الجزائر.ولربما قد تصل لما يقارب بالتريليون دولار،أما المغاربة ولحمق وجور هؤلاء الحكام في جوارهم فقد دفعوا مقابل ذلك ما دفعوه من دماء شهدائهم و مليارات لكن كل شيء يهون مقابل الأرض والوطن،والتي كان أولى بها بأن تساهم في بناء تكتل اقتصادي مغاربي كبير و متكامل البنيان. قد ينافس التكتل الأوروبي الحالي، للكثافة السكانية والتنوع في الموارد التي يزخر بها. لكن المقبور الهواري بومدين كان له ذاك الرأي البغيض ضد جيرانه الأعداء، وبأنه فكر في أن يضع في حذائنا حصى من حجر تؤلمنا لنصف قرن من الزمن.. وكل من مشى على نهجه من عساكر المرادية..
لقد ظل الحلم يراودهم ..وصدق الروائي حسن أوريد في نصه” الموريسكي “لما قال :”كل الدول لها جيران تعرف معهم السلم والحرب إلا المغرب فله جيران لا يعرف معهم إلا الحرب إسبانيا في الشمال والجزائر في الشرق..
لقد ظل العدو الوحيد لديهم على الخريطة العالمية والذي لا يسمونه في إعلامه باسمه “المغرب” إلا بالجار في الغرب..وحتى إعلان على الآذان عندهم في صلاة المغرب، ظل يحمل ٱسم وطن عربي مسلم يعتبرونه خصمهم الأبدي ما عاش العساكر في حكم قصر المرادية ..
لكن لا خوف رغم تقلبات الدهر عن دولة عريقة وضاربة في القدم اسمها المملكة المغربية .و لها سفراء عبر العالم في زمن أحمد يعقوب المنصور الذهبي في عهد الموحدين.ومن فتحوا الأندلس ومكثوا بها لقرون خلت ..
فهم شعب يصنعون التاريخ بين الأمم..
وهم يعرفون كيف يوازون في كل زمن بين الصراعات القطبية التي أوجدت عبرها هذا الصراع الإقليمي عينه. و الذي طال أمده، منذ الحرب الباردة في زمن الاتحاد السوفياتي ،والقومية الغربية ،وأصبح عبئا على الأمم المتحدة نفسها وبدون طائل ..وقد دفعنا كشعب ووطن الكثير مقابل أن يسمع صوت الحق على الأرض عبر الأمم المتحدة اليوم. وبأن الصحراء ما كانت يوما غربية بل كانت وظلت مغربية ،وكان لا بد لهذا الغرب بزعامة أمريكا أن يرد فيه الجميل للمملكة المغربية عبر اصطفافها الدائم نحو حقوق الشعوب و القضايا العادلة للأمم بدبلوماسية مرنة،وكان ما كان للمغرب بعد اعتراف ترامب سنة 2020 باعتبار الصحراء مغربية وجزءا لا يتجزأ من الوحدة الترابية،وبذلك ستنتهي المسرحية التي أحيكت بأبار النفط والغاز للعدوة الجارة. والتي جعلت الأجيال من الشعب الجزائري عبر التلقيح والإطعام الأيديولوجي تعتقد عن وهم بأنها من قضاياها الأولى والأساسية .،وحتى صاروا يحلمون أحلام اليقظة و بأن الصحراء لها شعب مصطنع في البيداء هناك عندهم بخيام تندوف..ولا شيء؛ من ذلك غيره الزمان.. ولا تواجد لعقول مستبصرة يمكن للمغاربة أن يراهنون عليها في زمن حكم عسكري مستبد بجميع السلط.. ومافتئ إعلامهم الرسمي يخوض في حرب معلنة وبلا هوادة. و بجميع الطرق المتاحة..ولكن الحل لا بد أن يكون بعد أن يعرف هذا العالم في زمن التحولات الجيوسياسية الكبرى بين الكبار ،وبعد الصراعات في أكثر من منطقة في العالم ،وكله من أجل البحث عن تموقعات جديدة بين تكتلات في الشرق والغرب،وما كان لأمريكا عبر رئيس لا أحد يقف في وجهه عبر ما يراه حلا في أكثر من بؤرة من بؤر الصراعات الدولية- سواء في أوكرانيا أو الشرق الأوسط أوكاشمير وإيران أو السودان..

واليوم؛ سنكون أمام تحديات كبرى جديدة.ويجب علينا جميعا ومن الآن الاستعداد لها ،قانونية وإدارية وسياسية واجتماعية. و من أجل تحيين بنود الحكم الذاتي لإنزاله على أرض الواقع ،كما أننا سنكون أمام تحولات سياسية عميقة وجذرية ، وما سيفرضه علينا هذا الحكم الذاتي من زيادة من السرعة القصوى في حياتنا السياسية و التي تحتاج لمنشطات وأدوية نافعة ،ولا بد لمنظومتنا السياسية اليوم بأن تبحث لها عن محرك ميكانيكي يناسب أية سيارة جديدة من النوع الأتوماتيكي موديل 2025 بدل سرعة بطيئة وبسيارة من نوع الجيل القديم للثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي ،ونحن سنكون أمام امتحان ديمقراطي حقيقي، وأمام تنزيل حكم ذاتي حقيقي كذلك.والذي يتطلب منا أن نلامس الحكم الديموقراطي الحقيقي عبر الجهات الموسعة و بطريقة من الطرق الحديثة التي تنهجها الدول الغربية اليوم ، إذ لم يعد الأمر أو الموضوع في لائحة الانتظارات بل اولوية من الأولويات والشبيه بإنجازات احتضان كأس العالم لسنة 2030. وبأن يتم إعادة التفكير في كل شيء كان في الماضي عبر مكونات المنظومة السياسية التقليدية من خلال الأحزاب والنقابات والهيئات وتنظيمات للمجتمع المدني وبمشاركة الأطر والمفكرين والأساذة الجامعيين وغيرهم. و دخول انفراج حقوقي غير مسبوق في جميع الملفات، ودمقرطة الفعل السياسي في بلدنا بشكل فعال وبناء ومثمر ،أي الانتقال الديمقراطي الحقيقي الذي ظلت ظلاله غائبة عن كل وجود كبير على أرض الواقع ..فلا بد من غربلة ما يمكن غربلته و ما كان في منظومتنا السياسية القديمة، وإعادة عجن ما يمكن عجنه من الطحين المثالي الذي يتوفر على جودة عالية ويواكب التغيرات السياسية التي سنعيشها مستقبلا . لأن كل عيون العالم ستراقبنا وتصب نحونا .ولا بد أن نكون في مستوى التطلعات الدولية عبر ديمقراطية حقة لا تشوبها شائبة. وليس ذلك بعزيز عن ثقافة شعب يعشق التفرد والانتصارات الكبرى ورفع الشعارات التي توحده كأمة عريقة وضاربة في التاريخ. ولكي يصل صوته للعالم في زمن الثورة الرقمية والتفاعل الإنساني عبر السوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعي..

Share this content:





