
أنا الذي سكنت القصيدة صدري..!
أنا الذي أرى صورتي الأخرى من خلفي..
وكيف تتراءى لي وسط كل ذلك الضباب..!؟
وكيف تعيش أنت بدون روح
وكيف لك أن تعيش مطمئن النفس وبدون ذاكرة تحمل لك صورها المتقطعة في كل لحظة بألم دفين وجراح..؟
وكيف لك أن تعيش على صور بالية من وسط ظلام جهل تتقاذفها بدون توقف نفحات من صهد الريح..!؟
وأنا الذي أحمل على رأسي كل أسف
وكل يوم شديد قبيح..
وأنا الذي سكنت القصيدة صدري
رغم كل ذاك الضجيج
وعزائي الوحيد في الهروب من نفسي
متى اشتد بي الوطيس..
وما أجد عزائي إلا في البوح
كلما اشتد الخناق علي
وما ذاك بقادر على تضميد الجراح
ونحن الذين ألفنا الحياة الكبرى
وأن نراكم من الصور ما لا نستطع دفنه- في ردم عميق – ولا يعاود الوخز بألمه القبيح.
وكيف لنا بأن نعيش بعيون لا ترى إلا جروح ومآسي من عمق التاريخ.
وكل ذيول الخيبة نجرها عن أسف عظيم ونحن شيوخ.
وما عسانا أن نفعل كي نمضي – وتزيح عنا الغمة.. وعنا كل تنهيدة- وعن كل مسكون- حملناه وبالجبال يطيح
أنا الذي أرى وأشاهد بحق..!
صورتي الأخرى من خلفي ..!
تتبعني وتصيح..
هيا انتظرني لحظة كي أحكي لك عن ذاك وذاك
وعن كل السيول الجارفة.
وعن كل الأعاصير وأمطار الخريف.
وأنا الذي أعود لنفسي بألم ـ يشق صدري شقا– مرعبا مخيفا..!!
وبدون أن أغفو أو أستريح.
ما أثقل على الرأس من أحداث وصور
ما دفنت من ذاك الماضي سجلها التاريخ ..!

Share this content: