شاعرة المتوسط الشامخ” خديجة بوعلي” التي صنعتها حياة الخضرة والماء والبحيرات والشلال.


وعن سيرتها الذاتية؛ ولكي نقربها أكثر من قرائنا مناصفة نقول عنها:”إنها شاعرة الاطلس بامتياز والأستاذة “خديجة بوعلي” وهي حاصلة على الإجازة في الأدب العربي..خنيفرية النشأة..سوسية الجذور..نشرت كتاباتها على صفحات عدة مجلات وجرائد ورقية وأخرى إلكترونية متنوعة وعادة ما نتقاسمها معكم لروعتها وجمالها الفني والأدبي ..لقد فازت نصوصها بالكثير من الأوسمة و الشواهد التقديرية. لها ديوانان  “أحلام بلون الشفق” ٢” أفول المواجع”وقد نالا اهتمام النقاد والمهتمين من المغرب و خارجه.. وكتب عنها “الدكتور جمال ” مؤخرا في تقديمه لكتاب مقاربات نقدية لكتاباتها حاول من خلالها الغوص العميق في حياتها ونشأتها و بيئتها ومحيطها الجغرافي الطبيعي،كي يجعلنا أمام نموذج من النماذج الفريدة والتي وجدت بالمكان والزمان ذاته كي تكون شاعرة على الفطرة والسليقة.. وكان ان صنعتها الحياة شاعرة متكاملة الأوصاف ليصدق فيها القول التالي:” الشاعرة ابنة بيئتها “والشعراء والشاعرات لا يخرجون من الأرض كالفطر بل هم ثمرة بيئتهم وزبدة مجتمعهم..ولسان حال زمانهم..وذاك ما جرت عليه الركبان عبر العصور و منذ زمان شعراء العصر الجاهلي فهو لسان قبيلته، وحين يبزغ نجمه يعتبر حدثا هاما في تاريخ قبيلته”-نعم؛ لنا اليوم لقاء متميز مع وجه من الوجوه النسوية التي عرفت كيف تشق طريقها نحول تحقيق الذات، وكيف تنقش لنفسها اسمها الشعري عن جدارة واستحقاق في عالم الشعر والشعراء،الذي لا ينتسب إليه من هب ودب.. و بشموخ وعزة نفس.وهي التي قطعت لنفسها مسافات طويلة في طريق الإبداع وعالم التألق في كتابة نصوصها الشعرية المتميزة..وهي التي تبقى شاهدة على اسم من أسماء جبال الأطلس الشامخة، كي تنال شرف التسمية باسمه”كشاعرة للأطلس الشامخ كله .وهي التي عاشت منذ نعومة أظافرها بين جبال وتلال وبحيرات مدينة خنيفرة بطبيعتها الخلابة و أنهارها وجداولها وسواقيها الجارية التي تغذي العشب وتعطي للمكان جاذبيته ورونقه..


وكيف لكاتبة مثل شاعرتنا خديجة بوعلي ،و قد فتحت عينيها وهي طفلة صغيرة في جمال الطبيعة وحياتها وكبرت وترعرعت وسطها أن لا يؤثر ذلك كله في نفسيتها و أحاسيسها ومشاعرها الدفينة ..لا أظن ذلك البثة .إنه مخزون ذاكرتها الذي يرافقها في رحلة الحياة ،والذي يعبر عن كل جمال أخاذ جامح يجر الإنسان للخلف كي يعيد كتابة الحياة الجميلة من جديد، و بلغة أخرى وبحنين الذكريات التي بقيت مخزونة في علبتها السوداء حتى يحين الوقت لتعلن عن نفسها من جديد بقلم شاعرة صنعتها الحياة.. وهي التي تربت على يد والد من التقاة وكان حبه الصادق لشريعة الكتاب والسنة طريقا وسبيلا، وكان لتأثير سور القرآن ولغته وما يحمله من فصول وصور عن الحياة تأثيره المباشر في أسلوب شاعرتنا مما منحها غزارة وقوة في الألفاظ و التعبير وهي تصول وتجول بقلمها الفريد وخيالها الشاعري الممتد بين ضفاف الأنهار وعذوبة المياه وظلال الأشجار وألحان العصافير وشروق شمس الأطلس ولحظات غروبها ،وكل ذلك تجعل منه سيناريو شعري عن جمال وعذوبة حياة الأطلس..


قرأت لها قصائدها الشعرية كم مرة، كي أغوص بين ثنايا الكلمات وعذوبتها وفي كل نص من نصوصها يجعلني أعيش عالمها الرومانسي الشاعري الأخاذ الذي يستوطن الذات.. ويجعل الفؤاد ينبض بالحياة ..ويهيم الخيال مع تعابيرها العميقة.وبلغة قوية متماسكة البنيان ..غزيرة العطاء.. لا يكتسبها إلا طينة من الشعراء…هم أولئك الذين يستطيعون أن يجعلون لغتهم تنطق شعرا وحماسة وحنينا وحبا وحياة وضمة وعناقا حميميا مع كل شيء جميل في حياتنا كبشر..شاعرتنا الأطلسية الأستاذة المقتدرة “خديجة بوعلي” امسى اسمها ..صورتها.. شعرها .. تواجدها الفيزيقي يحقق لنا نسبة عالية من المشاهدات عبر محيط مجلتنا الثقافية خريبكة بلوس، وكل التعاليق التي نقرأها من مختلف الأقلام العابرة هي بحق وصدق كلها تمجد وتنوه وتعتز بما تجود بها قريحتها الشعرية من نصوص شعرية تفاجئنا بها في كل مرة، لكنها لا تتشابه بالمرة في صناعة الصور وتركيبها وفي تعابيرها وألوانها وبلاغتها .. لكنها تبقى نصوصا شعرية تكتب على فطرة وبحنين دفين ولا تلمس بين ثناياها تصنعا ولا تكلفا وذاك هو الذي يعطيها جماليتها العفوية.


الشاعرة خديجة بوعلي ما قرأت لها من نصوص إلا أبدعتها بحكمة و برؤى مستقبلية، وبعيون مشدودة صوب الأمل الذي يأتينا عادة من الجو على حد تعبير محمود درويش.. نصوصها جزء من كينونتها كامرأة وإنسانة وشاعرة ومربية، وقد ألفت أن تلامس كل الكائنات الحية والطبيعية بلغة الشعر.. نصوصها مليئة بلغة الحياة التي تعيشها وتحملها ذاتها كشاعرة ألفت عشق البوح وتحميله أفراحها وأوجاعها ومشاعرها، وكله رموز وشفرات من استعارات و مجاز وتشبيه .. الشاعرة خديجة بوعلي ما برحت تتكلم نصوصها بدلها بسلطان الجملة الشعرية البليغة والدافئة، وظلت تحمل صورا من ذاتها التي تعكسها.. وما رأيي هذا فيما يخص بما صدحت وتصدح به قريحة شاعرة مولوعة وهائمة بحبها للشعر وطقوسه إلا لكي تعيش حياتها الثانية بين نصوصه إذ تحيا بلذة ورومنسية عشق دفين لحظات كتابتها له ،كإنسانة تدافع عن القيم النبيلة التي تحملها سوى القلوب السليمة المحبة للخير والسلام بين الأقوام والشعوب ..وزادتها ثقافتها اللغوية بأن تكون كبيرة في صورتها بدلالات اللسان النحوي و البلاغي والجمالي.. الشاعرة خديجة من ساكنة بيت الشعر المغربي ، التي تكبر حينما تتعالى صيحاتها الدفينة بين قوة وإبداع الكلمات..

خديجة بوعلي

Share this content:

  • Related Posts

    بوح خاص بالشاعر المغربي أحمد نفاع عن ذكرى ميلاد في 15/06/2025..خريبكة اليوم – المغرب

    على أعتابِ ظِلال بيضاء صفراء حمراء وخضراء .. رسمنا قبلات مُسيجَةً بضوء الشموس والأمل تنفسنا طويلاً عميقاً صافحنا الآتي / بألف وألف عناق وقلنا / مرحى بذكرى جديدة رحل عام / حل عام ككل عام هو العمر يتسلل / يرحل بقبضة يده أعوام نائمة وجِرابٌ به قصائد الشاعر أحمد نفاع عن الشاعر والقارئ المتميز علال أب أشرف الجعدوني في إضافة تدوينته…

    Read more

    عبر عنوان فلسفي عميق يبدع صاحب أجراس الكلمات الشاعر المغربي أحمد نفاع “كنتُ أنا المحكوم ” خريبكة اليوم – المغرب

    انكسَر الصوت وقالت / هل أضحى الحق جريحاً وهل ما نراه تغير ؟ لها قلت/ الحق جريح، وبلا صوت والزمن عاد كما نزق عاد بزفرات تلهب. الوقتٌ يُرتل العِناد وأمامي نفس الحيطان تهديني السكون وقشور أرق بالصاع هو نفسه الذي كان يمضي وسيمضى وما أراه يشبه قرون ما رأيت زمنٌ بألف عين .. مِن سقف السماء تسَّاقط دمعات باردات يوقظن من…

    Read more

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    You Missed

    وتبقى الشمس مصدر إلهام كبير في مخيال عالم الأدب وفنونه عبر العصور، ولها مكانة أيضا لدى الشاعرة المغربية سعاد بازي – خريبكة اليوم – المغرب

    وتبقى الشمس مصدر إلهام كبير في مخيال عالم الأدب وفنونه عبر العصور، ولها مكانة أيضا لدى الشاعرة المغربية سعاد بازي – خريبكة اليوم – المغرب

    في عناق صادق للحرف عبر بوح عميق للشاعرة المغربية زهرة أحمد بولحية- خريبكة اليوم – المغرب

    في عناق صادق للحرف عبر بوح عميق للشاعرة المغربية زهرة أحمد بولحية- خريبكة اليوم – المغرب

    “رأسي مكتظ بأضواء” يصدح الشاعر المغربي أحمد نفاع في قصيدة اليوم – خريبكة اليوم – المغرب

    “رأسي مكتظ بأضواء” يصدح الشاعر المغربي أحمد نفاع في قصيدة اليوم – خريبكة اليوم – المغرب

    حرية القراءة هو دفاع عن الحق في أن نكون.ذاك ما ذهبت إليه القاصة سلوى إدريسي والي.. خريبݣة اليوم- المغرب

    حرية القراءة هو دفاع عن الحق في أن نكون.ذاك ما ذهبت إليه القاصة سلوى إدريسي والي.. خريبݣة اليوم- المغرب

    في سفرنا الجديد عبر القراءة لتراثنا القديم مع ليلة العرب كما يحلو للغربيين تسميتها -عبد الرحيم هريوى -خريبكة اليوم -المغرب

    في سفرنا الجديد عبر القراءة لتراثنا القديم مع ليلة العرب كما يحلو للغربيين تسميتها -عبد الرحيم هريوى -خريبكة اليوم -المغرب

    المرأة الخريبݣية بين التقليد والحداثة :صورة في الموروث الفني والمحلي- راضية بركات- خريبݣة اليوم – المغرب

    المرأة الخريبݣية بين التقليد والحداثة :صورة في الموروث الفني والمحلي- راضية بركات- خريبݣة اليوم – المغرب