لا يمكن لأي قارئ أن يمتلك نفسا طويلا في قراءة النصوص الروائية الطويلة والمؤسسة للفكر الإنساني في مجال الأدب..عبد الرحيم هريوى – خريبكة – المغرب

لقد كُتب عن قراءة الرواية من حيث أهميتها، وفوائدها، وكيفية الاستمتاع بها، وكذلك أمثلة لكتب مهمة عن الأدب والقراءة. تُعد قراءة الروايات وسيلة لاكتشاف ثقافات وعوالم جديدة، وتطوير المهارات اللغوية والخيال، وتعزيز القدرة على فهم مشاعر الآخرين وتجاربهم. كما تُقدم الرواية هروباً إيجابياً من الواقع، وتُعد تجربة ممتعة وفرصة للتفكير والنقاش-منقول

لماذا تقرأ رواية وتترك كتاب علمي أو تاريخي؟ البعض يظن أن الروايات بلا فائدة و مضيعة للوقت، لكن في وجهة نظري..قد تعطيك الكتب معلومات ولكنها لن تعطيك مشاعر ولن تحرك بك ساكناً، قد تشرح لك الكتب الحدث بالتواريخ والأسماء و لكنها لن تجعلك تشعر بما عاناه الناس في ذلك الوقت. قد تعلّمك الكتب كيف تصبح ناجحاً و مثقفاً ولكنها أبدا لن تجعلك تفهم ما يشعر به الآخر ولن تنتقل من جسدك بروحك إلى إنسان آخر لتشاركه ذكرياته، لن تجعلك إنساناً.

الروايات تجعلك تنتقل إلى داخل الحكاية وتعيشها كما لو أنك أحد الأبطال، فتفرح معهم و تحزن لحزنهم، تشعر بالقهر من كمية الألم والمعاناة فتتكون لديك مشاعر، قد تجعلك بعدها مؤمن بقضية معينة وقد تريك جانبًا آخر لشخصك تناثر عليه رماد الزمن.. الفرق بين الكتاب والرواية كالفرق يا عزيزي بين الدواء والورود، الدواء بالطبع اكثر أهمية وقيمة في أعين البشر، لكن تأتي أيام يتكاثر فيها الدواء بجوار سرير عزيز أوشك أن يغادر الحياة فقد تعيده وردة للحياة الداخلية وتكون كهدية وداع في يده ويوقن قبل أن يغادر هذا العالم أنه عالم لا يُغادر..

إن قراءة النصوص الروائية الطويلة لا تأتي من فراغ بل هي ناجمة عن رغبة ذاتية للقارئ الجيد والهاوي والمحترف لكن يبقى لكل واحد من هؤلاء رؤيته وأهدافه من تلك القراءة .فهناك من يجد في قراءة تلك النصوص متعة ولذة وكأنه يهوى متابعة نوع من الأفلام السينمائية لكن ها هنا قد تكون سيناريوهات لأفلام في سينما هوليوود وما آرنست همنغواي ببعيد ،فكل نصوصه تحولت لأفلام سينمائية بدء بالشيخ والبحر ونهاية وداعا للسلاح.وكذلك بصاحب نوبل في الأدب للروائي الغني عن التعريف نجيب محفوظ وكذلك السيرة الذاتية لطه حسين في روايته القيمة “الأيام”

وحسب تجربتي الشخصية مع الفن الروائي لم يكن بالسهل كما يظنه البعض،فالقراءة أنواع وأصناف ،وكل قارئ لا بد له من سبيل يسلكه في مضمار عالم سيدخله عبر نفق طويل وهو يجعل من النص الروائي نافذته حول العالم .فالنص الروائي يحمل تراث وثقافة موطنه وبذلك ستتعرف عن أشياءكثيرةعن شعوب العالم وكأنك تشاهد أفلاما وثائقية 

أي كيف يفكرون ؟

وكيف يتزوجون؟

وكيف يسافرون؟

ومستوى عيشهم وتعليمهم وأي نوع من الموروث الحضاري يمتلكون؟

وكيف يكتبون نصوصهم الروائية؟

وبأي طريقة في مجلات الحبكة وانتقاء الشخصيات وفيد باك وانتقاء الفضاءات والحوار والصياغة البلاغية في التشابيه والاستعارات والاقتباس و في الكتابة وفي طريقة ووصفهم للأماكن وللفصول السنوية للشخصيات للأثاث للباس للوجوه وللنوم وللأكل وغير ذلك.؟؟

وفي تدوينة للقاص والروائي أحمد المديني

كتب فيها مايلي:

  بشأن من يعجزون عن قراءة الروايات الطويلة،ويصفونها ب”الترهل”، ينسى هؤلاء أن من يعشق الأدب، بكل أجناسه وأنواعه، لا يقيس القراءة بالطول أو بالعرض،بل بالقيمة،وبالبناء،وبما في العمل من جرأة وإحداث.

من يقرأ ويعد الصفحات، يقوم بعمل البنكي الذي عليه في آخر النهار أن يقدم الحساب إلى مشغليه.فإما أن نقرأ، أو لا  نقرأ، وغير هذا هو الترهل بعينيه.

إن قراءة النصوص الأدبية في غرضه الروائي يحتاج لثقافة قراءة النصوص المؤسسة للأدب الإنساني و لا يكتسبها إلا القليل عبر مسافات زمنية نقضيها صحبة تلك النصوص المشكلة للفكر والعقل المعاصرين ٱنطلاقا من عصر النهضة الأوروبية وتحديث نصوص الكتابة الروائية ،وصدق صاحب رواية المغاربة عبد الكريم الجويطي الذي جعل من نصه هذا تجليد للذات المغربية،ونال سمعة لم يتأهل أي نص قبله لنيلها إلا نص الخبز الحافي ،ويقال بأنه أحسن نص كتب بوطننا لمدة قرن من الزمن،وكل من قرأ النص على طريقة عبد الفتاح كيليطو من اليسار إلى اليمين،سيجد نفسه أمام إبداع وخيال لم ينل ذاك الشرف بصدقة ،وذلك لكثرة الإقبال على قراءته وبنفس الكثافة .وسأحكي لكم من خلال هذه التدوينة العابرة واقعة شاهدة على ما نقول ” كنت عند صديقي بمكتبة شعبية بخريبݣة أبحث عن نصوص عالمية ،وكنت في حاجة إلى العدد الأول من رواية يابانية ذات صيت عالمي 1Q84 الروائي هاروكي موراكامي ،فجاء من يسأل عن نص المغاربة الذي نفذ في المكتبات ،وتم إعادة طبعه،كما وقع مع الرواية الأخير للإعلام والشاعر والقاص عدنان ياسين في هوت ماروك الذي تمت ترجمته للإنجليزية ونال شرف تواجده بمكتبة أمريكية بجامعة هارفارد.. ولقد قال من لم يقرأ ” دون كيشوت دي لامانشا” قد لا يعرف الأسس التي شرعنها بطريقة فنية الإسباني” سيرفانتيس”  في كتابة النص الجديد عبر الأقلام العالمية .

Share this content:

  • Related Posts

    لا فرق لنا اليوم بين فريق” الكونغو أوالطوغو أو جزر القمر “فكلهم قد اتفقوا عنوة على إفساد أي عرس كروي ضد منتخبنا وهم  يركنون للدفاع..عبد الرحيم هريوى – خريبكة اليوم – المغرب

     تابعنا مقابلة المغرب والكونغو أو الطوغو لا فرق عندنا بين الاسمين لكنها مقابلة مملة و رتيبة جدا جدا وبكل معاني الكرة العصرية فهي بعيدة كل البعد عنها، وما تابعناه فهناك فريق وطني يدافع بطريقته الخاصة وهو يحتكر الكرة في الخلف وبدون اختراقات إلا ما هو محسوب على أصابع اليد الواحدة بل أكثر من هذا لا يوجد من يغامر ويفكك الخطوط الدفاعية…

    Read more

    أين يكمن الوعي لدى القاصة المغربية سلوى ادريسي والي..؟؟ خريبكة اليوم – المغرب

    هناك وعيٌ مهيّأٌ للفردانية، ووعيٌ آخر مهيّأٌ للجماعة.وأرى أن الوعي المهيّأ للفردانية هو ذاته الذي يتحوّل لاحقًا إلى وعيٍ جماعي، لأن الجماعة — ببساطة — لا تُنتج فكرًا، بل تستهلكه. لهذا لا يعرف الوعي الجمعي الحقيقة إلا بعد أن تُفقد حرارتها. فعندما تصل إليه الفكرة، تكون قد تحوّلت من تجربة حيّة إلى عقيدة جامدة. الجماعة لا تُدرك، بل تُقدّس. تتعامل مع…

    Read more

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    You Missed

    “بين غواية الحرف وصرخة الذات “يكتب القارئ المتميز والشاعر المغربي عبد العزيز برعود عن التجربة الشعرية للأديبة المغربية نعيمة معاوية -خريبكة اليوم – المغرب

    “بين غواية الحرف وصرخة الذات “يكتب القارئ المتميز والشاعر المغربي عبد العزيز برعود عن التجربة الشعرية للأديبة المغربية نعيمة معاوية -خريبكة اليوم – المغرب

    لا فرق لنا اليوم بين فريق” الكونغو أوالطوغو أو جزر القمر “فكلهم قد اتفقوا عنوة على إفساد أي عرس كروي ضد منتخبنا وهم  يركنون للدفاع..عبد الرحيم هريوى – خريبكة اليوم – المغرب

    لا فرق لنا اليوم بين فريق” الكونغو أوالطوغو أو جزر القمر “فكلهم قد اتفقوا عنوة على إفساد أي عرس كروي ضد منتخبنا وهم  يركنون للدفاع..عبد الرحيم هريوى – خريبكة اليوم – المغرب

    أين يكمن الوعي لدى القاصة المغربية سلوى ادريسي والي..؟؟ خريبكة اليوم – المغرب

    أين يكمن الوعي لدى القاصة المغربية سلوى ادريسي والي..؟؟ خريبكة اليوم – المغرب

    لا يمكن لأي قارئ أن يمتلك نفسا طويلا في قراءة النصوص الروائية الطويلة والمؤسسة للفكر الإنساني في مجال الأدب..عبد الرحيم هريوى – خريبكة – المغرب

    لا يمكن لأي قارئ أن يمتلك نفسا طويلا في قراءة النصوص الروائية الطويلة والمؤسسة للفكر الإنساني في مجال الأدب..عبد الرحيم هريوى – خريبكة – المغرب

      اليوم ؛ جملة مما دونته على حائطي الفيسبوكي.عبد الرحيم هريوى – خريبكة اليوم – المغرب

      اليوم ؛ جملة مما دونته على حائطي الفيسبوكي.عبد الرحيم هريوى – خريبكة اليوم – المغرب

    جواز سفري لأمصار شتى هو كتاب قرأته..عبد الرحيم هريوى -خريبكة اليوم – المغرب

    جواز سفري لأمصار شتى هو كتاب قرأته..عبد الرحيم هريوى -خريبكة اليوم – المغرب