
عبد الرحيم هريوى
لكل مولع بالقراءة والكتابة الدائمتين للنصوص الأدبية والشعرية لابد أن في جعبته الكثير كي يعطيه في قراءاته للنصوص ،والتي تتعاطي مع علوم إنسانية ومعارف متنوعة ومجالات حيوية وتيارات فكرية كثيرة كي تكسب قوتها وتماسكها ونبضها القوي وتميزها في مجال التناص..
لكل مولوع بالنصوص ،ولكل عاشق لها قراءة كانت أم كتابة ،لأن كلاهما واحد .فلا كتابة تجدي نفعا؛أي بدون قراءة ولا قراءة تعطي زبدتها في غياب الكتابة ..وكل ما نقرؤه هو ثقافة لذاكرة نجمعها ..وكل كتاب نقرؤه، فأفكاره ومعلوماته لا تذهب بعيدا عن وجداننا وذواتنا .ونحن لا ندري أين تختفي، لكن حينما نبدأ في كتابة نص من النصوص نستدعي حضورها من أجل إتمام طبقنا الأدبي أوالشعري بتوابل متكاملة ..والقارئ الجيد ،هو كاتب جيد إذن ،وهو يقظ وذكي، سواء حينما يقرأ للآخرين أو حينما يحرر نصوصه بقلمه الثمين..ولا ننسى بأن الجاحظ وصف القارئ بالعدو ،لذلك لابد أن نتسابق مع هذا القارئ على الدوام ،ونحرص أشد الحرص حتى لا يسبقنا بمسافات زمنية ،وبعدها نكون كالتي نقضت غزلها ..فالقارئ الجيد يبحث له عن أشياء وأشياء فيما يكتب له ،عن نصوص لها روحها الثانية إذ ما تفتأ تخاطب فيه ذاته وإنسانيته وواقعه وفكره ووجدانه ..!!فكم من الكتاب من يقولون بأن المغاربة لا يقرؤون.وهذا غير صحيح، لأن سؤالنا له: -فهل نحن نعيش أزمة قراء وقراءة أم أزمة مقرؤء أم غربة نص عينه..!؟ كما سماها الشاعر محمد بنمحمود، وهو يرخي السمع للكلمات و للجمل والعبارات ،وللمشهد و الجملة السردية والفصل والحبكة ..!فبذكاء قارئ جيد فهو يعطي للمقروء الذي بين يديه، حيوات أخرى جديدة .ويكتشف حينذاك لنا عن ظلالها الثقافية والأدبية الخفية.. وصدق عبد الفتاح كيليطو؛ فالقارئ الجيد ينصت للنصوص عن قرب وعن بعد. وهو يتوفر عن آليات ووسائل وأدوات ضرورية في القراءة الوجدانية من جهة، والقراءة الأدبية الفنية من جهة ثانية. وصدق باخثين فليس هناك نص بكر بل كل نص فهو امتداد لنص ما قبله..وأي قراءة قد تختلف من نص إلى آخر في جوانبها التحليلية والرؤى الباطنية التي في جوف أعماقه من حيث البناء الدرامي والجمالي ،والأسلوب اللغوي والدلالي واللفظي ، والتناسق وديمومة الزمان والمكان والأحداث والوقائع وغيرها ..

Share this content: