
.jpg)
الاسم المختار للذباب الالكتروني إشارة عن صورة لما يحمل لنا من مقاصد ومعاني ،ولما يفعله الذباب الحقيقي على اختلاف أحجامه وأصنافه وأنواعه بالإنسان..!فهو الذي يقلق راحة باله بابا بابا أينما تواجد بكثرة،و في أماكنة معينة..وعادة ما نستعمل كلمة الذباب في شكله الاستعاري كتعبير مجازي عن رهط من البشر ،أو إبلاغ رسائل عن أعمال توحي ما توحية من تجييش ما ،و تأثير نفسي ومعنوي عن طريق أفعال عادة ما ننسبها لفعل القبح والإذاية المعلنة والمستترة..ولنا ما يفعله الذباب الالكتروني في صورة بشر من خلف الشاشات الالكترونية في سبيل الأيديولوجيات التي يدافع عنها بحق أو بباطل، حتى ولنا ما يفعله الذباب الالكتروني في الدفاع عن شخصية أو زعيم أو منظمة أو حزب أو لوبي أو عنصرية.. لذلك اعتبر الفيلسوف بركهايم الأيديولوجية تنقسم للمجزء والكلي العام ،وما يدافع عنه الذباب الالكتروني يدخل في الكلي بالطبع. ولعل الأيديولوجيا مصرع التيران للأفكار بطريقة ما…
وما أكثرهم اليوم يا صاح ترخيم لصاحبي..!
وهم اليوم؛ يتناثرون كالذباب الأزرق ،ولا يظهرون إلا عبر فرصة أو انفلاتات طبيعية ،لذلك تمت تسميتهم بالذباب الالكتروني،لأن الذباب من طبيعته القرص والسلب والنهب،وله أبشع صورة في الرواية والأدب الإنساني العالمي .والذباب لا يحب عوالم النقاء والصفاء والنظافة، وكلما وجدت النظافة والطهارة والجمال حضرت الفراشات الزرقاء في السماء ،وطنين النحل ..الذباب يتواجد حيثما تنبعث أبشع الروائح، والمناظر المشمئزة للنفس، وكأنه يحوم حول خيالات إبليس اللعين.وعادة ما يتكلم الأدباء والشعراء عن أماكن يستوطن فيها الشيطان،وهذا محمود درويش مكلما الشيطان بأن لا يأخذه لهكذا ثنائيات..ولا ننسى بأن مهمة إبليس وعشائره هو الخوض في المياه الراكدة والمستنقعات وكل موطن من مساحة خبيثة فوق البسيطة يجاريها الذباب ويرافقها بتواجده الكثير .لذلك فكلمة الذباب الالكتروني ليست بعفوية بالمطلق في مجال اختيارنا للألفاظ ومعانيها،وهي لم تأت من فراغ..ومن أبدع الكلمة واكتشفها كمرادف لها من الأبعاد ما يجعل الدارس والمهتم بالألفاظ الجديدة يقف لحظة فكر وتأمل في مغزى الكلمة وما تعنيه من قبح .وما استعمال ألفريديك نيتشه كلمة حشرات المجتمع في كتابه هكذا تكلم زرادشت، كي تحمل مدلولها الفكري -الفلسفي العميق للقارئ..!
والذباب حشرة مكروهة بالفعل، لأنها ترتاد الأماكن النجسة،وتحمل معها كميات كبيرة من الميكروبات التي تنقل معها الأمراض للإنسان، وتساهم في إزعاج الجالس والنائم أيضا ،وخاصة في الأجواء الحارة أو الأماكن الكريهة والمتسخة..ولنا صفة كريهة أيضا ونعوت قبيحة اليوم للذباب البشري في صفة الذباب الطبيعي” وهو الذباب الآلي الإلكتروني “الذي يتواجد عبر مواقع التواصل الاجتماعية ،من أجل الخدمة والارتزاق والدفاع عن أيديولوجيات وأفكار لفئة أو طائفة اجتماعية ضد أخرى. والأيديولوجية ليس لها كما وصفها الشاعر الفلسطيني محمود درويش غريزة، وهل بالفعل الغريزة البشرية في الأصل ليس لها أيدولوجيا..!؟
وقد تسأل عن ما يعنيه المفهوم الفلسفي للأيديولوجيا فكريا وفلسفيا، فهي ببساطة علم الأفكار. وأصل النشأة كان في زمن فرنسا التحرري والثورة ونابوليون الثقافي والاستعماري الكولونيالي الجديد، على يد المفكر دستوت دي تراسي Destutt de tracy ولنا أصناف وأنواع من الأيديولوجيا نذكر من بينها البورجوازية والبلوليتارية والاقتصادية والسياسية والعنصرية والجنسية والاجتماعية ..إلخ وأصبحت الأيديولوجيا اليوم كما يقول أحد المفكرين المعاصرين: إنما هي الرأي الذي ينادي به خصمي.
Share this content: