
مجرد رأي ..
في زمن الصورة ما السر في اختيار صور البروفايل عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي..!
صدق الروائي الإيريتيري جابر حجي وهو يحاضر في مجال الكتابة الروائية بصفة عامة ،والكتابة بصفة خاصة،حينما قال بأن الكتابة علمته عدة أشياء،كان يجهلها،أولها علاقته بالقارئ ،نظرته للأشياء،وحبه وكرهه ،وكيفية التعامل مع القاريء بتقديره واحترامه،من خلال ما ننشره إليه،لذلك ركز على أن الكتابة المثيرة للدهشة هي التي تبحث في الأشياء الغير عادية والمألوفة في حياة الناس،أو بعض الظواهر الاجتماعية والثقافية التي نعيشها لكن لا نسلط عليها تفكيرنا من خلال الخوض فيها بفكرنا و تأملاتنا وأقلامنا خاصة،لذلك كله وأنا أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك ،لعلني أجد بعض الوجوه التي أعرفها ،أو أصدقاء تناسوا بفعل الزمن والفراق،وبالفعل صادفت ما كنت أبحث عنه،لكن كأي كاتب حينما يشتغل بمسحه البصري،لا بد أن هناك نظرة أخرى للتأمل..لطرح الأسئلة ..لمحاولة فهم هكذا صور ومن خلفها دوافع نفسية سيكولوجية ظلال ثقافية..
وكان السؤال الذي تبادر لذهني بسرعة،هو لماذا كل هؤلاء الرواد عبر الفيسبوك ،عبروا للمتصفح مثلي وآخرين،عن ما يحب..!؟! عن ما يكره!؟! عن فيما يرغب..!؟! عن إشارات ورموز وشفرة قد نبحث عنها عبر صورة البروفايل الذي به يعرف،وكما سبق للناقد المصري أحمد الضبع في تحليله للخطاب الروائي الحديث،أنك لما تقرأ نصا روائيا تم إدراج فيه ٱسم مريم العذراء والقديس تقول مباشرة هذا خطاب مسيحي،وحينما تجد الاستدلال بآيات من القرآن ونصوص من الأحاديث تقول هذا خطاب ديني،ولما تجد كلمات من القاموس السياسي كذلك والفلسفي والاقتصادي والجغرافي والتاريخي وغيره،لأن لكل مجال معرفي وعلمي قاموسه اللغوي طبعا،وهذا يمكن لنا أن نلمسه في محاضرات لأعلام من الفكر والثقافة والفن والموسيقى والمسرح وغيره..ويمكن إلى حد ما نعكس كلامنا هذا على اختياراتنا في حب الأشياء،واستعمال رموزها في موضة لباسنا واختيار ألواننا وطعامنا وسلوكياتنا اليومية،فهناك من يعشق اللون الأسود ويمثل له الشيء الكثير،وهناك من لا يرتاح إلا فيما هو أبيض وهكذا ذواليك..
ولعل اختيار صور البروفايل قد يتميز بين الجنسين،بالنسبة للعنصر النسوي،عادة ما يملن إلى عوالم الطبيعة و صور الجمال والرومنسية،وما يمثلها من مملكة النبات والحيوان،وحتى حينما تجد صورة فوتوغرافية للجنس اللطيف،فهي تعبر عن الجمال بصبغة تغبيشية أي ما نتلمسه كظلال ثقافية لما وراء الصورة لقارئها، و التي ترسلها عبر صورتها الشخصية ،كما أن البروفايل يبقى الوجه برمزية لغوية لحائط رقمي،و لنا كل الحرية في اختياراتنا تلك ولأي موضوع قد نعبر عنه من خلال الصورة أو الكلمة أو العبارة أو الجملة عن رسالة أو ترميز تتقاسمه مع رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
وبالنسبة للجنس الذكوري عادة ما يهيمن التعبير اللإرادي والذي تتغلب فيه العاطفة والوجدان و الهوايات والرغبات ،من رياضة وثقافة وأسرة ومهن وقرابة وعلاقات حميمية .

Share this content: