
مكون من حديد وبعضه من خشب لا يأمن له أحد، ولا يدوم لأحد الجلوس عليه صحيح أنه أنيق وجميل لكنه يدور ويتحرك وقد يمنحك ظهره بعد ان يعطيك وجهه، ذلك هو كرسي المنصب الذي يتباهى به كثير من الناس ويغترون بمظهره ظانين أنهم قد ملكوه الى الأبد غافلين حقيقة أن الكراسى لا تدوم و المنصب لن يدوم لأحد، والدليل أين الذي كان قبلك، فالذي يبقى بعد تركك للوظيفة هو أفعالك مع المحيطين حولك، إما أن يذكروك بالخير أويقولون حجرة أزيحت عن طريق المسلمين.المنصب لا يدوم، ولا يبقى لك إلا العمل إما أن يكون عطراً ويبقي ذكراك طيبة، وتسمع صدى الأثر الذي تركته، أو أن تترك ذكرى سيئة يشتمك عليها الناس، فالمنصب نعمة من الله تحتاج إلى شكر، وشكرها أن يزداد دنوا من الناس وتواضعا لهم.وعندما تكون فى مكان يجب أن تصنع لنفسك اسم ومكانه بين الجميع.فقدم في المنصب ماترضى أن تراه أمامك يوم الحساب،وأعمل لخدمة الصالح العام ولا تقدم ما تندم عليه بعد أن تترك المنصب ويعتزلك الناس. لا يدوم إلا العمل والانجاز على أرض الواقع سيبقى شاهدا للأجيال استثمروا مناصبكم لأجل وضع بصمة تذكرون بها بعد حين “قل ياقوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من تكون لهُ عاقبة الدار إنهُ لا يفلح الظالمون”صدق الله العظيم.
لا شك أن المنصب يعطي صاحبه هيبة وسلطة وقوة، ويتولد لديه شعور بالنشوة والقوة والاعتزاز، خصوصًا عندما يكون الحصول على الهدف عزيزا نادرا ولكن لا يعني أنه من أجل المنصب الذي لايدوم ينسلخ المرء من مبادئه وأخلاقه،فإذا وثق المرء بالكرسي الدوار، فعليه ألا يثق بالأرض التي تحمل هذا الكرسي، فالمتغيرات كثيرة.وأنك لتعجب أشد العجب وتأخذك الدهشة وأنت تنظر في قسمات وجهه وهو يحدق في ذاك وينظر شررا لهذا.وقد يؤثر المنصب على أخلاق صاحبه،فيقلّ احترامه وتقديره للآخرين، ويتوقع أن يكون محطّ اهتمام وتبجيل الناس من حوله.وقد يصل الحال بالبعض إلى ترك زيارة أرحامه وأقاربه وأصدقائه،بحجة أنه أصبح مشغولًا هذا هو حال كثير من البشر ممن أخذتهم عزة المنصب،فلا هو أسعد نفسه بهذه التصرفات ولا هو أسعد من حوله بالعمل الجادالذي وضع في هذا المكان من أجله.إن هؤلاء البشر لا يستحقون هذه المكانة لأنهم استخفوا بها وتلاعبوا بمكانتها وسعوا من أجل رفعة ذواتهم لا من أجل الرقي بالعمل.هؤلاء يجب أن يدركوا بأن الحال لا يدوم.هناك من يعتقد ويصاب بغيبوبة عندما يتقلد منصبا قياديا كبيرا بأنه سيصبح في ليلة وضحاها من علية القوم، فالمنصب يُدخل البعض في عالم التعالي والتكبر،وتصبح اتصالاته ولقاءاته واجتماعاته مع الذين كان يراهم بالسابق فقط في الصحف ويبدأ المنافقون بالزحف لهذا القيادي بالتطبيل له لكي يكملوا المسرحية الهزلية، بأن تعيينه هو إنجاز وأنه أفضل من سلفه السابق الذي ضيعها بتصرفاته ويبدأون بتلميعه حتى يكونوا مقربين منه، وللأسف هناك من يعتقد أن هذا المنصب توقيع ومقابلات وتباهي وعجرفة.أما تطوير وتسهيل العمل فهو آخر همه فتجده دائما مشغولا بالتقرب إلى الواسطة التي تأتي من فوقه لأنه سيستغلها لأمور أخرى ويشعر بأنه ملك الدنيا عندما يخدم من هو اكثر منه شأنا لأنه سيكون له سندا في حالة تجديده للمنصب مرة أخرى ويتوسط له، وتجد دواوينهم الأسبوعية عامرة بالمنافقين لأن مصلحتهم مرتبطة به.
هناك هوس لدى الكثيرين في التمسك بالكرسي بالاضافة إلى أن الكرسي هو من يصنع الشخص وليس العكس،أي أن البعض وجد نفسه على الكرسي وهو متيقن بأنه ليس أهلا له ولذلك يبقى متمسك به أطول ما يمكن، وبذلك سيكون سعيه لإرضاء من أوصله إلى الكرسي وليس من أجل الخير وخدمة العامة. لهذا على الإنسان هنا أن يقرأ حقيقة مشاعره،حتى لا يخدع نفسه،فقد تنمو لديه مشاعر سلبية دون أن يتفطّن لها،ويبرر سلوكه بمختلف المبررات حصول الإنسان على منصب اجتماعي مرموق،أو وظيفة رسمية بارزة،هو امتحان هل ينجح في إدارته لمنصبه وموقعه، أم يكون ضعيفا فاشلا؟، وهل يكون مخلصا نزيها أم انتهازيا، يستخدم المنصب لمصالحه الخاصة،على حساب المصلحة العامة؟!هل سيؤثر المنصب على نفسه وسلوكه، فيأخذه الغرور والكبر على من حوله، فيتغيّر تعامله وتتبدل أخلاقه مع المحيطين به، أم يبقى ملتزما بأخلاقياته وسلوكه؟!
المكان والمنصب فى زوال ولكن يبقى الخير والعمل بضمير والكلمة الحسنة، فعندما يكون الشخص أكبر من المنصب نجده يميل إلى التواضع والعدل، وعندما يكون المنصب أكبر من الشخص نجده يميل إلى الغرور والظلم والتكبر.فتحية وتقدير لكل صاحب منصب لم تغريه المسؤولية فبقى على تواضعه ووفائه لأصدقائه ومعارفه، يعاشر عامة الناس بالخلق الحسن،والتواضع الجم، فلم تؤثر فيه المناصب مهما علت، ولم يغتر أو يتكبر على أحد من الناس، ولم يرى نفسه أعلى من بقية البشر.

Share this content: