حين يكتب الشاعر بعنفوان القلم بورتريه عن محمد صمري..قلم من رصاص، يفتض بياض القرطاس..عبد العزيز بورعود- وادي زم اليوم – المغرب

محمد صمري.. قلم من رصاص،، يفتض بياض القرطاس..!!

لا يستكين نبض الحبر في جعبة يراعه، و  العبارات وابل صرصر لا يهدأ أزيزها في مهب طلقاته، التناص والطباق والبديع والجناس والقوافي ذخيرة محبرته الهادرة، وهو يصطاد طرائد الكلم  في أحراش اللغة، وفي سافانا الاستعارات المكثفة بأحاسيس السرد المتصاعد النبر ..نصوصه المتكاثرة بزهو البلاغة آيات محكمات  تتناسل حيوات ضاجة، و أخيلة  مبتكرة، تشاكس مخيال المتلقي، تخاثله سحرا  في غفوة من إعجابه /استيلائه ، تستدرجه إلى هيرمينوطيقا  التأويل والاحتمال  ، فتقبض على فضوله الجارف بين تضاعيف السطور ، ثم تؤول به/ المتلقي دون عودة، الى حيث لا منجاة من سقوطه في شباك غواياته  المفخخة بجرأة الكشف ..تلويحاته المكثفة بزهو البيان، استعارات بصرية متشاكلة ،ولافتات سياسية مشحونة بكيمياء العنفوان، تكتب نفسها بإيحاء أيديولوجي مدرك، بل هي سيناريوهات/لمحات انثروبولوجية ترصد كل أشكال التمظهرات المجتمعية الشائكة، والتحولات القيمية ، بعدسة ناقدة لا تحيد عن الهدف، يمكن لضمير الراوي فيها ( الأنا )

إذ هو المبدع المائز الذي كلما اسرج شموع الحروف، تضاعف منسوب الوعي في وجيب حبره ،وتصاب في شسوع بوحه غيث الكلمات ابداعا هطالا ،،لا يهادن هو ولا يساكن، بل يندلع زمهرير قلمه الحرون متقدا بشبوب البلاغة  ووله الحنين المستعر بالشوق، وهو يستنطق ذاكرة الامكنة المنذورة للنسيان..

هذا الأمازيغي الكرامشي الأثيل الروح ،المأنوس الحضور، القادم من منابع اليسار،ومن ضفاف الكونية،المنفلث من أبجديةالصحو،الحاذق النبش في هوامش العبارة، والمرابط على ثخوم الاستعارة ،لا يخط حروفه الأمارة بالسرد بمنأى عن قناعاته الفكرية والسياسية،لاينطق على غير هوى إرادته،ولا يبحر في علوم الكلام بلا مجداف يقين،بل ينطلق من مقاربة إبداعية ناضجة، أساسها الوعي بالتغيير،لذلك اختار أن يكون في قلب المعركة لا على هامشها،ليس رجل تعليم فقط ينشرالعلم والمعرفة،بل مثقفا عضويا شاملا يزرع مشاتل الوعي في صفوف الشباب ومناضلا يساريا وحقوقيا ملتزما بخطوط الدفاع عن الكرامة. ثمة لغة عالية  في كتابات محمد صمري، وانفلات سيميائي غير متوقع في مدلولات نصوصه الخافقة النبض، يستغور البعد النفسي والحسي والوجداني للقارىء المفترض، ويستولد النسق الدلالي للغة والتمثلاث المادية..إذ يصبح التعبير عنده خطابا جماعيا ايتوسيا،جياشا يمتزج فيه الاحتجاج الصارخ بالصمت العاري،ويصير فيه السرد فيضا من التشظي الذاتي الصارخ و المنفلق، ثم يشب وقيد البوح في هشيم اللغة،ويزهرجمرالمعنى في خبىء المبنى ويشرع عصف التجلي في الاجهاش ..!

Share this content:

  • Related Posts

    في أحضان الشعر تتلمس الشاعرة “حليمة صومعي” وجودها عبر خيال يجود عليها بأجراس من معاني وعذوبة ألفاظ منتقاة..

    شرياني محتقن بكوكب من الدماء قنديلي تسهر حول أنات ليلة ظلماء تحكين عن موعد الرحيل يحتل الرحيل أفكاري بعدما إعتل الفؤاد و ذبلت أزهاري وتساقطت غمامات الحزن ليلي ونهاري يا شعري الرزين أكنت تحشد الأسرار خلف بابنا وكفك الزرقاء فوق بؤسنا كم ليلة كنا نلم الطير عن أهدابنا أحزاني وأشجاني تزاحمت تمتص ماء الفجر من اعشابنا ياشعري هذا بوحك الشفيف فوقه…

    Read more

    هنا خريبكة -حوار في قصة صغيرة “حفر القمر” في حوار سفسطائي.عبد الرحيم هريوى – خريبكة اليوم – المغرب

    جاءني صديق عزيز ورفيق قديم؛و بعدما فرقت صروف الحياة بيننا منذ زمن الدراسة.. إنه بالفعل في هيئة ميتافور الصورة التي يحملها صاحبي عثمان البرهامي، وكأنه الأمس. ولو بعد فراق طويل ومديد جدا.. لقد كان سفره بل هجرته وغيبته الطويلة لدياربروكسيل لمدة لربما تفوق أكثر من خمسة عقود من الزمان مرت من العمر مسرعة .. جاءني في زيارة مفاجئة؛ وبدون مقدمات.. اتصل…

    Read more

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    You Missed

    ما بين النصيب والقدر،هناك مقبرةٌ دفنت فيها نصف مشاعرالبشر. بلغة السؤال تبحث الكاتبة لطيفة لبريزعن حقيقة المشاعر عبر الحكمة – خريبكة اليوم – المغرب

    ما بين النصيب والقدر،هناك مقبرةٌ دفنت فيها نصف مشاعرالبشر. بلغة السؤال تبحث الكاتبة لطيفة لبريزعن حقيقة المشاعر عبر الحكمة – خريبكة اليوم – المغرب

    “هؤلاء يكرهون ضوء النهار” عبد الرحيم هريوى – خريبكة اليوم – المغرب

    “هؤلاء يكرهون ضوء النهار” عبد الرحيم هريوى – خريبكة اليوم – المغرب

    فماذا  بقي لي مني ؟ للشاعر المغربي “أحمد نفاع”وحينما نبني قصائدنا بالألفاظ وليس بالأفكار،حسب الشاعر الفرنسي الكبير مالارميه Mallarme

    فماذا  بقي لي مني ؟ للشاعر المغربي “أحمد نفاع”وحينما نبني قصائدنا بالألفاظ وليس بالأفكار،حسب الشاعر الفرنسي الكبير مالارميه Mallarme

    أي رحيل تعانق الشاعرة المغربية زهرة أحمد بولحية عبرمخاض من جمل شعرية معبرة ..

    أي رحيل تعانق الشاعرة المغربية زهرة أحمد بولحية عبرمخاض من جمل شعرية معبرة ..

    في أحضان الشعر تتلمس الشاعرة “حليمة صومعي” وجودها عبر خيال يجود عليها بأجراس من معاني وعذوبة ألفاظ منتقاة..

    في أحضان الشعر تتلمس الشاعرة “حليمة صومعي” وجودها عبر خيال يجود عليها بأجراس من معاني وعذوبة ألفاظ منتقاة..

    هنا خريبكة ..كلما غبت عنك طويلا اشتقت للعودة إليك سريعا يا مدينة المتناقضات وملتقى العابرون والعابرات..عبد الرحيم هريوى – خريبكة اليوم -المغرب

    هنا خريبكة ..كلما غبت عنك طويلا اشتقت للعودة إليك سريعا يا مدينة المتناقضات وملتقى العابرون والعابرات..عبد الرحيم هريوى – خريبكة اليوم -المغرب