حين يحاكي السرد الحكائي في جانبه الوصفي للوجوه و للفضاء والزمان والمكان. وكله عبر كلمات في صور شتى من حياتنا،وعبر الرؤية والتأمل والتدبر وما الفيلسوف النمساوي فتجنشتاين الذي أثر في الفكر الإنجليزي نفسه واشتهر بتطويره للتحليل المنطقي وفلسفة اللغة.ويرى أن الجملة نموذج للواقع ،فالكلمات إذن هي…تصور للأشياء
- كانت الصورة الرقمية حاضرة وبقوة ،وبدون شرح و لاتفسير ، وكأنها سقطت لتوها في ذلك الفضاء في شبح آمرأة مجهولة الهوية، وهي تبدو في خريف زمنها الضائع. رغم قساوة طبيعة الحياة التي ألفتها ،والتي عادة ما تجذبك لضوء الفراشات قبل أن تحترق.. رأيتها كصورة كاتب يبحث له عن كل شيء ؛ وعن أي شيء يراه مختلفا في حياة البشر،كي يقول فيه كلماته بصدق وبلغة الحرف والقرطاس القلم ..
- كانت الصورة لآمرأة تائهة وغامضة.. جالسة على رصيف مجهول..و في مكان من ذاكرة مشوهة.. وفي مكان ما حيث تتواجد كثرة الأيادي التي تعيش في خصام وتضارب في المصالح، والبحث لكل وجه من الوجوه عن موقع قدم في سماء حياة يعبث بها العابثون. ويسوقها السائقون الهواة للحافة، إنهم فئة من المجانين والحمقى ..
- كانت صورة وجدتها عبر الفضاء الملون صدفة..وهي تحكي ما تحكيه..و تتواجد بعمق من وجهة نظر زواياها الفلسفية والسيكولوجية المعتمة بشكل من الأشكال ..
- كانت صورة توحي للمستبصرين عبر ظلالها الرقمية في زمن المواقع الاجتماعية، وكأنها تقوم بمشاعر روحية في حائط المبكى الجديد . ولعل أحدا يرمقها في صورة كاريكاتورية ويتنهد تنهيدته العميقة، ويقول : “هي في صورتها تلك تجسد كل أنواع غربة الحياة، في صورة آمرأة رماها الزمان لزاوية التعري النفسي للذات المضطربة …“
- كانت صورة مشبعة بالمعاني والرموز الأخلاقية والسياسية.. وفي غياب الضمير الشخصي والجمعي. ولنا في الأنا الأعلى الذي نستحضره في هذه الصورة لتلكم المرأة عند سيغموند فرويد وهو ما يمكن أن نرمز إليه بالضمير أو السلطة الخلقية للمجتمع .والتي تتحدد كأوامر ونواهي يتمثلها الطفل منذ صغره فتصبح جزءا من شخصيته أي لاشعورية..
- هذا العالم يفتقر بشدة إلى الشفقة والمنطق…ولقد كان القطار مزدحما؛ ولكن لا أحد كان يجرؤ على الجلوس بالقرب منها..لأنها تعيش في عالم منحط يغلب على عيونه التنمر..
- إنها صورتها الحقيقية التي تتوارى عنها، لأنها ليست من النوع الذي يظهر مشاعره بتلك السهولة.لقدكانت أشبه بمحار متشبت بصخرة.ولا يمكن فتحه بسهولة كما قرأت في سرد ممتع من رواية 1Q,84 للياباني هاروكي موراكامي ..والبومة في نفس النص؛ إنها حارسة الغابة،وإنها عليمة بكل شيء،وتمنحنا حكمة الليل
وبدون تفكير قبلي تهت مع أكثر التائهين.. و قد أتواجد في عالم المستقبل عبر إطلاق عناني للقلم كي يقول كلمته في زمن العبث واللأخلاق..ونحن نعيش كي نحيا حين نرى النجوم لا تغيب عن السماء رغم طلوع شمس النهار ..أو نرى قمرين على غير الطبيعة في السماء ..فكم نحتاج يا صاح من ظل كي يتكون لنا ظل نمشي ويمشي بقربنا نستدرجه بلغة الشعراء لأنفسنا أولا، ولصورة مثالية نحمل في دواخلنا عن صدقها في الواقع .وبدون تغبيش في ألوانها البثة ….ما أجمل الحياة في زمانها حينما تزهر وبورود الصباح.. لما كان يتساقط فوقها الندى..واليوم صمت السماء عن القطر .. وظلت تلكم الصور التي ما زلنا نحملها في ذاكرتنا الزمانية عن جمالية الطبيعة،وهي تأتينا تباعا كموسيقى من أحلام نعيشها كي نستمر في مسلسل هذه الحياة ..فكم من قصة و رواية حكتها شهرزاد لشهريار وكم أدرك من صباح حتى يعيش في أحلامه التي جعلت سرد بودلير وموليير لا يعدو إلا ظلا من ظلال سرد شهرزاد..فدعونا نكون حيثما نكون ونستثمر في اللغة وثقافتها و هي تنشد حياة الكتاب على وجه كل صفحة جديدة بتسويد وجه البياض..كم تكون اللغة في صورة الجمال لما تحضر وتفي بالمدلول والمطلوب..لا يهم عند الرواة تلك الأخطاء على هامش التعبير في جمل عابرة..فلن يغير المعنى منثورا فيه ما نصبناه في حالة الرفع ولا مجرورا نسيناه بين السطور..المهم عندنا أن نعبر بلغتنا عن جملة من الأحاسيس ومشاعر بدفء من النفوس كي نبلغ سمفونية من موسيقى في مملكة الكلمات التي تنبض بالحياة..
كل كاتب يتأمل ما يحوم حوله من وجوه وأحداث ..وهو يرى الأشياء كلها بنبض الحياة..يشعر بالسعادة حينما يتواجد في محراب الكتابة ويزهد كصوفي في تسطير العبارات ويدون لغته بروحها كي تجد طريقها السليم في سماء واقع الظلام تنير بسنا ضوء الخير كل عقول تترنح خلف المرجعيات البالية وثقافة الإنصات ومعظم الناس في العالم لا يستخدمون في الحقيقة عقولهم في التفكير.وهؤلاء الذين لا يفكرون هم الذين لا يستمعون للآخرين كما جاء في رواية 1Q,84 الياباني هاروكي موراكامي

Share this content:







