
إذا محاسني اللاّتي أدل بها
كانت ذنوبي فقل لي كيف أعتذر
الاعتذار سمة حضارية وتصرف مبنيّ على محاكاةٍ بين العقل والنفس، وهي ثقافة يجب أن ندرك ماهيتها، ونستوعبها جيدا فهي ليست مسألة كرامة، ولا دلالة على ضعف الشخصية، وإنما وعي تام بأهمية تنقية القلوب من شوائبه. الاعتذار بلسم يشفي الكثير من الجروح، ويمنع تطور الخصومة إلى جفاء فعداوة .الاعتذار فن إنساني لا يتقنه جميع البشر، رغم أنه لا يتطلب علما أو ثقافة كبيرين، بل شيء من أدب وتواضع، وقدرة على كبح جماح النفس الأمارة بالسوء . الاعتذار ليس كلمة تقال في زحمة الحديث وتبرير الخطأ، أو البحث عن مخرج من الورطة التي سببها سلوك ما خاطئ. الاعتذار ليس دليل ضعف أو فشل، كي نخجل منه، يكفي أن نعلم أن مجرد الاعتذار، هو اعتراف بالخطأ ورجوع عنه، وبالتالي فإن ترجمة هذا الشعور إلى فعل حسي ملموس، يحتاج إلى قوة محركة تجبر النفس على النزول إلى الحق ومحاسبة ذاتها، وهذا لا يكون إلا عند من يملك صفة الشجاعة. إذا كنت من الذين يَجّبُرون الإساءة بالاعتذار فاعلم أنك شجاع.الاعتذار يعني الاقتناع التام بأن هناك خطأ ينبغي تصحيحه،وهو ما أوجب الاعتذار، وبالتالي فإن نوع الاعتذار لابد وأن يقترن بنوع الخطأ ،وحجمه الاعتذار من شيم الكبار ، وخلق من أخلاق الأقوياء ، وعلامة من علامات الثقة بالنفس التي لا يتصف بها إلا الكبار ، الذين لديهم القدرة على مواجهة الآخرين بكل قوة وشجاعة وأدب.والحياة بدون اعتذار ستحمل معاني الندية،وستخلق جواً من التوتر والقلق بين الناس.الاعتذار ليس شيئا نفعله لنكون مهذبين، إنه في الواقع طريقة لإظهار الاحترام والتعاطف مع الشخص أو الأشخاص الذين تعرضوا لمَظلمة ما. فالاعتذار فعل ثقيل على البعض، ثقيل إلى الحدّ الذي يجعلهم لا يتمكنون أبدا من تقديمه، وأحيانا يرتكب البعض المزيد من الأخطاء عند الاعتذار لأنهم لا يعرفون الكيفية الصحيحة للقيام بالأمر. في أحيان أخرى، يُقدّم البعض اعتذارا زائفا فقط لكي تمر الأزمة التي سببها الخطأ بسلام، دون أن يشعر مُقدم الاعتذار أنه أخطأ حقا. لهذا وجب اعتبار الاعتذار فنا، له معايير وأصول يجب الالتزام بها حتى يكون فعالا ويُحقق هدفه الاعتذار يزيل الأحقاد ،ويقضي على الحسد ، ويدفع عن صاحبه سوء الظن به ، والارتياب في تصرفاته. والاعتذار ينفي عن صاحبه صفة التعالي والكبر ،ويمنحه المصداقية والثقة في قلوب الآخرين .فالاعتذار ليس كلمة تقال في زحمة الحديث لتبرير الخطأ، أو البحث عن مخرج من الورطة التي سببها سلوك ما خاطئ، الاعتذار يعني الاقتناع التام بأن هناك خطأ ينبغي تصحيحه، وهو ما أوجب فعل الاعتذار، وبالتالي فإن نوع الاعتذار لابد وأن يقترن بنوع الخطأ وحجمه وأن يكون مساوياً له في التأثير ومضادا له في الفعل.الاعتراف بالخطأ فضيلة، والاعتذار عنه فضيلة أخرى، كلاهما فضيلتان تعززان الحفاظ على روابط الألفة والمحبة بين البشر، وهما في نفس الوقت وسائل تمنعنا من فقدان من نحب.
أن نخطئ ؛فنعتذر.. لايعني أننا أشخاص سيئون، بل جيدون، لأننا نحاول إصلاح أخطائنا، فليس من بشر معصوم عن الخطأ بعد الرسل.بل يظهر أننا نهتم بمشاعر الشخص الآخر، كما يُبين أننا قادرون على تحمّل مسؤولية أفعالنا. أيضا من خلال الاعتذار قد يستطيع الشخص الذي آذيناه أن يتخفف من غضبه أولا،والأهم أن يتحقّق من مشاعره وتصوّراته، فرُبما كان هذا الشخص يتهم نفسه دوما بأنه هو المُخطئ، فقط لأن المخطئ الحقيقي لم يعترف بخطئه.
في بعض المجتمعات يعتبر الاعتذار جزءا من مقوماتها وثقافتها الفكرية، فتراهم يزرعون في أطفالهم ثقافة الاعتذار منذ الصغر،حتى أن الأمر عندهم وصل حداًجعلهم يقرنون الصفح عن المخطئ،أو تخفيف العقوبة عن المجرم بالاعتذار، وسنجد أنه وعندما تخطئ النخب في هذه المجتمعات فإن أول مطالب هودعوة المخطئ للاعتذار عن خطئه بحق الدولة والمجتمع وحتى الأفراد.
يعتقد كثيرون أن الاعتذار نقطة ضعف لا يجب إظهارها، كونها دليل انكسار وهزيمة لا تليق بهم،ثقافة الاعتذار ممارسة تحتاجها مجتمعاتنا كثيراً، وينبغي زرعها في نفوس الأطفال،وبحيث تصبح جزءاً من ثقافتهم فتنعكس إيجابياً على مجمل علاقاتهم الاجتماعية لاحقاً، وعندها فقط سيستطيعون ممارسة الاعتذار بلا تردد ودون شعور بضعف أو خجل،فإن الدين المعاملة.المكابرين الرافضين للاعتذار،هم من الذين يصنفون أنفسهم كطبقة مثالية لا تخطئ وإن أخطئت فهي سامية لا تعتذر لمن هم دونها مرتبة، وفي هذا شيء من صفات الشيطان ألا وهو الكِبَر.

Share this content: