“لا توجد قيمة أخلاقية أعظم من الإنسانية” كيرت فونيغوت بالقلم المحلي لطيفة لبريز – خريبكة اليوم – المغرب

الإنسانية هي أرقى صفة يتحلى بها المرء، وبها ينبل ويعظم قدره مع نفسه ثم في مجتمعه ومحيطه هي أصالة ذاتية يحثها الضمير الصادق، وتلازمها الروح الصافية، فالإنسانية هي أن يشعر الإنسان بغيره ويعطف على كل من حوله.فهي في الدم وليست مكتسبه انها الفطرة السليمة التي توجه للخير والحق وجميع  مفردات المحبه الإنسانية رحمة ونشر للخير ومواقف واضحة، وليست مجرد كلمة تلوكها الألسن وتتباهى بها الجماعات في بياناتها وتصريحاتها التي لا تساوي الحبر الذي كتبت به الإنسانية أكثر الروابط البشرية سموا وأكبر دليل على رقي المجتمعات، ولا تتوقف أمام أي حواجز دينية أو عرقية أو فكرية فالإنسانية سلوك العظماء، ليس كل من ادعى الإنسانية كان رمزا لها أو بارزا في ذلك، فكم من داع للإنسانيه احتاج هو إلى أن يبنِي إنسانيته، وكم من متكلمٍ باسم الإنسانية كانت الإنسانية أبعد ما يكون مما يتظاهر به إن الإنسان حين يكون إنسانا يزرع في مجتمعه وفيمن حوله تلك الخصلة النبيلة، وذلك الخلق السامي؛ فيصبح في ثمرة فعله سعادة من حوتهم، وحياة من شملتهم، وأُنس من كانت لهم؛ لتكون بذلك صورة تعاونية خالدة الذكر باقية الأثر.

 الإنسان اليوم يتعطش للإنسانية ويحلم بها منتظرا الليالي تلو الليالي، في هذا الزمن الذي استئصلت فيه من جذور الناس جذوة الإنسانية والكرامة وتوطنت فيهم معاني الأنانية والنفعية فاضحى يعيش في  جب عميق تندر فيه مياه الإنسانية والكرامة، وقيمها بالكاد تبوأت مكانها في المستنقع، فهي لا تحتل مكانا في حياة الإنسان جمعاء. فالإنسان اليوم يلهث خلف جمع الأموال وتبوئ المناصب مهما يكن وراءها من عدم الكرامة وسلب صفة الإنسانية.فحلت بنا لعنتها فأصبح والد يقتل ولده، وولد يقتل أباه، زوج يغدر بزوجته، وزوجة تخون زوجها، أم تخنق جنينها، معلم يستغل طلابه، وطالب يستخف بمعلميه، والقطط والكلاب تقتل بأياد سوداء إن من يقطف نبتة أو عصفورا لا يستحق أن يكون إنسانا، ومن يقتل إنسانا لا يستحق الحياة؛ لأنه ببساطة يفسد في الأرض إذ إن الإنسانية تسبق بكثير مرحلة المواطنة، ومن الطبيعي أن تقودنا بوابة الإنسانية إلى بوابة المواطنة، فمن منا يقبل بمواطنة وشراكة من يقتل ويهدد الأرواح ويسفك بها فمن نافلة القول إن من يقتل إنسانا، لا يستحق أن يكون مواطنا في هذا الوطن المواطنة يستحقها من قلبه على الوطن بكل مكوناته وأطيافه للمواطن حقوقا وعليه واجبات تفرضها طبيعة انتمائه إلى وطن، ومن هذه الواجبات على سبيل المثال لا الحصر الولاء للوطن والدفاع عنه، أداء العمل وإتقانه… إلخ. وبناء عليه، فالمواطنة علاقة الفرد بدولته، علاقة يحددها الدستور والقوانين المنبثقة عنه ألم يسمع هؤلاء ممن يدعون الوطنية والسلمية، بالحديث النبوي الشريف: «ما من إنسان يقتل عصفورا فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله -عز وجل- عنها يوم القيامة .

 على الإنسان أن يكون رحيما، لأن الرحمة تجمع بين البشر. وأن يكون أديبا، لأن الأدب يوحد القلوب المتنافرة. الرحمة والأدب هما مفتاحا للتواصل والترابط بين الناس فالرحمة لغة القلوب، بواسطتها نتواصل ونفهم بعضنا البعض وصفة إنسانية عظيمة، تجسد العطاء والتفاني في خدمة الآخرين

قد يصعد الإنسان لدرجة الملائكة إذا ارتقى، ويمكنه أيضا أن ينحدر لدرجة البهائم، بل لأسفل من هذه الدرجة إذا تردى، وهذا ما أعلنه القرآن بكل صراحة. نمو الإنسانية في المرء يوما بعد يوم يشعر أنّ الحالة التي يعيشها تبشّر بالخير ولا يفقد امرؤ شيئا من إنسانيته إلاّ حينما يفقد شيئا من شعوره وإحساسه؛ قيمة الإنسانية تعتمد على عظمة الإنسان وتفانيه في رعاية أخيه.ومن قوانين الإنسانية التبسّم الدائم في وجه الجميع الإنسانية خالية من النفاق والمصالح.

Share this content:

  • Related Posts

    لقد انتهى زمن الإكليروس الثقافي والأدبي المغربي.كما سماه الشاعر المغربي محمد بنميلود صاحب النص الرائع الحي الخطير .عبد الرحيم هريوى – خريبكة اليوم – المغرب

    الإكليروس الثقافي والأدبي المغربي انتهى أجله ببزوغ قمر الثورة الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي وأمسى من له حساب رقمي مشروع كاتب وأديب وصحافي بدون رسميات وتأشيرات..   لقد ولى زمن الإكليروس الثقافي والأدبي في زمانه الرسمي.اليوم نحن نعيش في عالم الفوضى الخلاقة عبر الشبكة العنكبوتية العالمية والثورة الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي. فلا أحد يمكن له أن يُنَصِّبَ نفسه رئيس تحرير جديد على رواد…

    Read more

    بالاختصار المفيد؛ وعبر القلم المحلي للطيفة لبريز في تجسيدها لروح الكلمة..خريبݣة اليوم – المغرب

    الكلـمة وعـد ،وعهـد، ومـيثاق، وعـقد. اتقوا الكلمة فمتى اطلقت لاترد فالقلوب كالقوارير رقيقة المساس بالغة الإحساس متلألأة كالألماس هي للبدن كما للبناء الأساس .بكلمة تدميها وبكلمة تبنيها إن أصبتها بمقتَل فقد هدمتها بمعول وإن اسعفتها بكلمة فقد احييتها بهمة والناظر في احوال القلوب كالطبيب يشخص الداء ويحضر الدواء ويسأل الله الشفاء. Share this content:

    Read more

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    You Missed

    في قراءة شبه صوفية و بحضور شهرزاد في قصيدة الشاعرة المغربية أمال الطريبق، والتي لم تتوقف عن الكلام المباح.. عبد الرحيم هريوى – خريبكة اليوم – المغرب

    في قراءة شبه صوفية و بحضور شهرزاد في قصيدة الشاعرة المغربية أمال الطريبق، والتي لم تتوقف عن الكلام المباح.. عبد الرحيم هريوى – خريبكة اليوم – المغرب

    شاعرة من شرقنا العربي تصدح القول بلسان حال الشعر..خريبكة اليوم -المغرب

    شاعرة من شرقنا العربي تصدح القول بلسان حال الشعر..خريبكة اليوم -المغرب

    يا أحجار أرضنا ..هيا اصبري وكابري..!عبد الرحيم هريوى – خريبكة اليوم – المغرب

    يا أحجار أرضنا ..هيا اصبري وكابري..!عبد الرحيم هريوى – خريبكة اليوم – المغرب

    رأسي_مكتظ_بأضواء..نص للشاعر المغربي أحمد نفاع- خريبكة اليوم – المغرب.

    رأسي_مكتظ_بأضواء..نص للشاعر المغربي أحمد نفاع- خريبكة اليوم – المغرب.

    يجب علينا أن نعتز بثقافتنا المغربية..ع.الرحيم هريوى- خريبكة اليوم- المغرب

    يجب علينا أن نعتز بثقافتنا المغربية..ع.الرحيم هريوى- خريبكة اليوم- المغرب

    حرف ضاعت في صمت.. وبات أصحابها ضحية الإهمال-القلم المحلي ياسين بالكجدي – خريبݣة اليوم – المغرب

    حرف ضاعت في صمت.. وبات أصحابها ضحية الإهمال-القلم المحلي ياسين بالكجدي – خريبݣة اليوم – المغرب